قوله : (مَنْ هُوَ أَشَدُّ) من موصولة أو نكرة موصوفة وهو في موضع المفعول ب «أهلك» ، و (مِنْ قَبْلِهِ) متعلق به ، و (مِنَ الْقُرُونِ) يجوز فيه ذلك ويجوز أن يكون حالا من (مَنْ هُوَ أَشَدُّ)(١).
قوله : (وَلا يُسْئَلُ) هذه قراءة العامة على البناء للمفعول وبالياء من تحت ، ورفع الفعل ، وقرأ أبو جعفر «ولا تسأل» بالتاء من فوق والجزم (٢) وابن سيرين وأبو العالية كذلك إلا أنه مبني للفاعل وهو المخاطب ، قال ابن أبي إسحاق : لا يجوز ذلك حتى ينصب «المجرمين» (٣) ، قال صاحب اللوامح : هذا هو الظاهر إلّا أنّه لم يبلغني فيه شيء ، فإن تركاه مرفوعا فيحتمل وجهين :
أحدهما : أن يكون «المجرمون» خبر مبتدأ محذوف أي هم المجرمون.
الثاني : أن يكون بدلا من أصل الهاء والميم في «ذنوبهم» لأنهما مرفوعا المحل ، يعني أن «ذنوبا» مصدر مضاف لفاعله ، قال فحمل المجرمون (٤) على الأصل كما تقدم في قراءة (مَثَلاً ما بَعُوضَةً) بجر بعوضة ، وكان قد خرجها على أن الأصل : يضرب مثل بعوضة ، وهذا تعسف كثير فلا ينبغي أن يقرأ ابن سيرين وأبو العالية إلا «المجرمين» بالياء فقط وإنما ترك نقلها (٥) لظهوره (٦).
قوله : (وَلا يُسْئَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ) قال قتادة : يدخلون النار بغير حساب ولا سؤال (٧) ، وقال مجاهد يعني لا تسأل الملائكة عنهم ، لأنهم يعرفونهم بسيماهم (٨) ، وقال الحسن : لا يسألون سؤال استعلام وإنما يسألون سؤال تقريع وتوبيخ (٩) ، وقيل : إن المراد أن الله تعالى (١٠) إذا عاقب المجرمين فلا حاجة به إلى أن يسألهم (١١) عن كيفية ذنوبهم وكنيتها (١٢) ، لأن الله تعالى عالم بكل المعلومات فلا حاجة إلى السؤال (١٣) ، فإن قيل : كيف الجمع بينه وبين قوله : (فَوَ رَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ عَمَّا كانُوا
__________________
(١) انظر التبيان ٢ / ١٠٢٦.
(٢) قال أبو حيان : (وقرأ أبو جعفر في روايته «ولا تسأل» بالتاء والجزم ، «المجرمين» نصب) البحر المحيط ٧ / ١٣٤.
(٣) قال أبو حيان : (وقرأ ابن سيرين وأبو العالية كذلك في «ولا تسأل» على النهي للمخاطب ، وكان ابن أبي إسحاق لا يجوز ذلك إلا أن يكون «المجرمين» بالياء في محل النصب بوقوع الفعل عليه) البحر المحيط ٧ / ١٣٤.
(٤) في ب : المجرمين.
(٥) نقلها : سقط من ب.
(٦) انظر البحر المحيط ٧ / ١٣٤. بتصرف.
(٧) انظر البغوي ٦ / ٣٦٤.
(٨) المرجع السابق.
(٩) المرجع السابق.
(١٠) تعالى : سقط من ب.
(١١) في ب : يسأل.
(١٢) في ب : ويكنيتها.
(١٣) انظر الفخر الرازي ٢٥ / ١٧.