ونحوه ، روي عن «زيد بن علي» أيضا تخلّقون بضم التاء وتشديد اللام مكسورة (١) مضارع «خلّق» مضعفا ، وقرأ ابن الزبير (٢) ، وفضيل بن (٣) زرقان أفكا (٤) ـ بفتح الهمزة وكسرها ـ وهو مصدر كالكذب معنى ووزنا ، وجوز الزمخشري (٥) في الإفك ـ بالكسر والسكون ـ وجهين :
أحدهما : أن يكون مخففا من الأفك بالفتح والكسر كالكذب واللّعب ، وأصلها : (الكذب (٦) واللّعب) وأن يكون صفة على «فعل» أي خلقا إفكا أي «ذا إفك».
قال شهاب الدين : وتقديره (٧) مضافا قبل «إفك» مع جعله له صفة غير محتاج إليه (وإنما كان (٨) يحتاج إليه) لو جعله مصدرا.
قوله : (إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ لا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقاً) لا يقدرون أن يرزقوكم ، وهذا إشارة إلى عدم المنفعة في الحال والمآل. قوله : «رزقا» يجوز أن يكون منصوبا على المصدر ، وناصبه (لا يَمْلِكُونَ) ؛ لأنه في معناه ، وعلى أصول الكوفيين يجوز أن يكون الأصل : لا يملكون أن يرزقوكم رزقا ، فإن «يرزقوكم» هو مفعول «يملكون» ، ويجوز أن يكون بمعنى «المرزوق» (٩) فينتصب مفعولا به ، «فابتغوا» فاطلبوا (عِنْدَ اللهِ الرِّزْقَ) (و) هذا إشارة إلى استحقاق عبوديته (١٠) لذاته. فإن قيل : قال : (لا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقاً) نكّر الرزق وقال : (فَابْتَغُوا عِنْدَ اللهِ الرِّزْقَ) فعرفه ، فما الفائدة؟ قال الزمخشري نكره في معرض النفي أي لا رزق عندهم أصلا ، وعرفه عند الإثبات عند الله تعالى أي كل الرزق عنده فاطلبوه منه (١١). وفيه وجه آخر (١٢) وهو أن الرزق من الله معروف بقوله : (وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللهِ رِزْقُها)(١٣) والرزق من الأوثان غير معلوم ، فقال : «لا يملكون رزقا» لعدم حصول العلم به ، وقال : (فَابْتَغُوا عِنْدَ اللهِ الرِّزْقَ) أي الموعود به ، ثم قال : (وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ) اعبدوه لكونه مستحقا للعبادة لذاته ، فاشكروا له لكونه
__________________
(١) نقلها أيضا في معاني الزجاج ٤ / ١٦٥ والبحر المحيط ٧ / ١٤٥ والدر المصون ٤ / ٢٩٨.
(٢) ابن الزبير.
(٣) هكذا في كل ما توصلت إليه من مراجع «زرقان» وما في المحتسب «فضيل بن مرزوق» والقراءة نفسها منسوبة لهذه التسمية هذه وهو فضيل بن مرزوق الكوفي ، روى عن أبي حازم وعدي بن ثابت ، وعنه : يحيى بن آدم ، وبزيد بن هارون ، انظر : هامش المحتسب لابن جني ٢ / ١٦٠ والقراءة في المحتسب ٢ / ١٦٠.
(٤) المرجع السابق.
(٥) الكشاف ٣ / ٢٠١.
(٦) ساقط من ب وهي في الكشاف.
(٧) الدر المصون ٤ / ٢٩٩.
(٨) ساقط من ب وموجودة بالمرجع السابق ، انظر : الدر المصون ٤ / ٢٩٩.
(٩) في ب : الرزق.
(١٠) في ب : العبودية بالتعريف.
(١١) قال الزمخشري في الكشاف ٣ / ٢٠١ ، «فإن قلت : لم نكر الرزق ثم عرفه؟ قلت : لأنه أراد لا يستطيعون أن يرزقوكم شيئا من الرزق فابتغوا عند الله الرزق كله ، فإن الله هو الرازق وحده لا يرزق غيره».
(١٢) انظر : تفسير الفخر الرازي ٢٥ / ٤٤.
(١٣) هود : ٦.