واعلم أن النادي (والنّديّ) (١) والمنتدى مجلس القوم ومتحدّثهم ، روى أبو صالح (٢) مولى أمّ هانىء بنت (٣) أبي طالب قالت : سألت رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ عن قوله : (وَتَأْتُونَ فِي نادِيكُمُ الْمُنْكَرَ) قلت : ما المنكر الذي كانوا يأتون؟ قال : كانوا يخذفون أهل الطرق ، ويسخرون منهم (٤).
وروي أنهم كانوا يجلسون في مجالسهم وعند كل رجل منهم قصعة فيها حصى ، فإذا مرّ بهم عابر (٥) سبيل حذفوه فأيهم أصابه كان أولى به. وقيل : إنه كان يأخذ ما معه وينكحه ويغرمه ثلاثة دراهم ، ولهم قاضي بذلك ، وقال القاسم بن محمد (٦) : كانوا يتضارطون في مجالسهم (٧).
وقال مجاهد : كان يجامع بعضهم بعضا في مجالسهم (٨). وعن عبد الله بن سلام : يبزق بعضهم على بعض (٩). وعن مكحول (١٠) قال : من أخلاق قوم لوط مضغ العلك (١١) ، وتطريق الأصابع بالحنّاء ، وحل الإزار ، والصّفير ، والخذف (١٢) ، واللّوطيّة.
(قوله) (١٣) : (فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ) ، لما أنكر عليهم «لوط» ما يأتون به من القبائح
__________________
(١) ساقط من ب.
(٢) أبو صالح : هو باذام ، ويقال : باذان ، وكان لا يحسن أن يقرأ القرآن ، كان الشعبي يراه فيقعده ويقول له : تفسير القرآن ولا تحسن أن تقرأه نظرا. انظر : المعارف لابن قتيبة ٤٧٩.
(٣) اختلف في اسمها فمن قائل إنها فاضة ، ومن قائل إنها هند لها ستة وأربعون حديثا ، اتفق البخاري ومسلم على حديث وعنها ابن ابنها جعدة ، ومولاها أبو مرة ، وكرير ، أسلمت يوم الفتح. انظر : خلاصة الكمال ٥٠٠.
(٤) انظر : تفسير ابن كثير ٣ / ٤١١ و ٤١٢. وقد أخرج هذا الحديث أبو داود الطّيالسي في مسنده. وانظر : تفسير القرطبي ١٣ / ٣٤٢.
(٥) ذكر الثعلبي هذه الرواية نقلا عن رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ انظر : القرطبي ١٣ / ٣٤٢.
(٦) القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق التّيميّ أبو محمد المدني ، أحد الفقهاء السبعة ، وأحد الأعلام كان ثقة عالما كبيرا ، مات سنة ١٠٦ ه. انظر : خلاصة الكمال ٣١٣.
(٧) انظر : القرطبي ١٣ / ٣٤٢.
(٨) المرجع السابق.
(٩) انظر : القرطبي ١٣ / ٣٤٢. وعبد الله بن سلام بن الحرث الإسرائيلي اليوسفي أبو يوسف أسلم وشهد فتح بيت المقدس ، حدث عنه أبو هريرة ، وأنس ، مات سنة ٤٣ بالمدينة. انظر : خلاصة الكمال ٢٠٠.
(١٠) مكحول الدّمشقيّ عن كثير من الصحابة مرسلا. عن واثلة ، وأنس ، وعنه أيوب بن موسى ، وزيد بن واقد والأوزاعي ، كان عالما كبيرا ، مات سنة ١١٣ ه. انظر : خلاصة الكمال ٣٨٧.
(١١) قال ابن منظور في اللسان «والعلك ضرب من صمغ الشجر كاللّبان ، يمضغ فلا ينماع ، والجمع علوك ، وأعلاك». ثم قال : «والعلك والعلاك : شجر ينبت بالحجاز» وانظر : اللسان دار المعارف ٣٠٧٧ «علك».
(١٢) الخذف : هو الرمي بالحصا أو نواة تؤخذ بين السّبّابتين ، انظر : اللسان دار المعارف ١١٧٨ «خذف» وانظر : رأي مكحول هذا في القرطبي ١٣ / ٣٤٢.
(١٣) ساقط من أ.