(قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ)(١) ، وقرأ ابن عباس (٢) «ألا» حرف تنبيه أي فجادلوهم.
قوله : (وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ) وهذا تبيين لمجادلتهم (٣) بالتي هي أحسن يريد إذا أخبركم واحد منهم ممن قبل الجزية بشيء مما في كتبهم (٤) فلا تجادلوهم عليه ولا تصدقوهم ولا تكذبوهم (وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلهُنا وَإِلهُكُمْ واحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) ، روى أبو هريرة قال : «كان أهل الكتاب يقرأون التوراة بالعبرانية ويفسرونها بالعربية لأهلالإسلام فقال رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : لا تصدقوهم ولا تكذبوهم وقولوا : آمنا بالله وما أنزل إلينا ... الآية» (٥) وروى معمر (٦) عن الزهري أن أبا نملة الأنصاري (٧) أخبره أنه بينما (٨) هو جالس عند رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ جاءه رجل من اليهود ومرّ بجنازة فقال : يا محمد هل تتكلم هذه الجنازة فقال رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ (الله) (٩) أعلم فقال اليهودي : إنها تتكلم فقال رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : «ما حدثكم أهل الكتاب فلا تصدّقوهم ولا تكذّبوهم وقولوا آمنا بالله وكتبه ورسله فإن كان باطلا لم تصدقوه وإن كان حقا لم تكذبوه» (١٠).
قوله : (وَكَذلِكَ أَنْزَلْنا) أي كما أنزلنا إليهم الكتاب أنزلنا إليك الكتاب (فَالَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يُؤْمِنُونَ بِهِ) يعني (مؤمني) (١١) أهل الكتاب عبد الله بن سلام ، (وأصحابه) (١٢)(وَمِنْ هؤُلاءِ) يعني أهل مكة (مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ) وهم مؤمنو أهل مكة (وَما يَجْحَدُ بِآياتِنا إِلَّا الْكافِرُونَ) وذلك أن اليهود عرفوا أن محمدا نبي ، والقرآن حق ، فجحدوا ، وقال قتادة : الجحود إنما يكون بعد المعرفة وهذا تنفير (١٣) لهم عما هم عليه يعني إنكم آمنتم بكل شيء وامتزتم عن المشركين بكل فضيلة إلا هذه المسألة الواحدة ، وبإنكارها تلتحقون بهم ، وتبطلون مزاياكم ، فإن الجاحد بآية يكون كافرا.
قوله : (وَما كُنْتَ تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ) أي من قبل ما أنزلنا إليك الكتاب.
قوله : (مِنْ كِتابٍ) مفعول «تتلو» و «من» زائدة و (مِنْ قَبْلِهِ) حال من «كتاب» أو
__________________
(١) [التوبة : ٢٩] ، وانظر في الاستثناء المفصل الذي في هذه الآية ، التبيان ١٠٣٤ والدر المصون ٤ / ٣٠٧.
(٢) انظر : البحر المحيط ٧ / ١٥٥.
(٣) في «ب» لمجادلتهم.
(٤) في «ب» ما في كتبهم.
(٥) الحديث في القرطبي ١٣ / ٣٥١ ، وفتح القدير ٤ / ٢٠٦ ، والدر المنثور ٦ / ٤٦٩.
(٦) معمر بن راشد الأزدي مولاهم عبد السلام بن عبد القدوس أبو عروة البصري أحد الأعلام عن الزهري وقتادة وعنه أيوب والثوري وابن المبارك ، مات سنة ١٥٣ ه ، انظر : خلاصة الكمال ٣٨٤.
(٧) أبو نملة الأنصاري : عمار بن معاذ بن زرارة بن عمرو بن الأوس الأنصاري شاهد أحدا مع النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ والمشاهد كلها وقتل له ابنان يوم الحرّة ، انظر : أسد الغابة ٥ / ٣١٣ و ٣١٤.
(٨) في «ب» بينا.
(٩) ساقط من «ب».
(١٠) الدر المنثور ٦ / ٤٦٩.
(١١) ساقط من «ب».
(١٢) ساقط من «ب».
(١٣) في «ب» تغيير.