وهي البستان (١) الذي في غاية النضارة ، وقوله : «يحبرون» قال ابن عباس يكرمون (٢). وقال قتادة ومجاهد : ينعمون (٣) ، وقال مجاهد وأبو عبيدة : يسرون (٤) ، والحبر والحبور السرور. وقيل الحبرة في اللغة كل نعمة حسنة والتّحبير التّحسين يقال هو حسن الحبر والسّبر بكسر الحاء والسين وفتحهما (٥) وفي الحديث : «حبرته لك تحبيرا» (٦) ، أي حسنت لك صوتي والقرآن تحسينا ، وجاء في الحديث «يخرج من النّار رجل ذهب حبره وسبره» (٧) فالمفتوح (٨) مصدر والمكسور اسم ، والروضة الجنة ، قيل : ولا تكون روضة إلا وفيها نبت ، وقيل : إلا وفيها ماء ، وقيل : ما كانت منخفضة ، والمرتفعة يقال لها : ترعة ، وقيل : لا يقال لها روضة إلا وهي في مكان غليظ مرتفع (٩). قال الأعشى :
٤٠٣٧ ـ ما روضة من رياض الحزن معشبة |
|
خضراء جاد عليها مسبل هطل (١٠) |
وأصل رياض رواض ، فقلبت الواو (١١) ياء على حدّ حوض وحياض ونكر الروضة للتعظيم (١٢) ، وقال ههنا : «يحبرون» بصيغة الفعل ولم يقل «محبورون» وقال في الأخرى «(محضرون (١٣))» بصيغة الاسم ولم يقل «يحضرون» لأن الفعل يدل على التجديد ، والاسم لا يدل عليه ، فقوله «يحبرون» يعني كل ساعة يأتيهم ما يسرون به ، وقوله
__________________
(١) انظر : القرطبي ١٤ / ١١.
(٢) السابق ١٤ / ١٢.
(٣) السابق ١٤ / ١٢.
(٤) مجاز القرآن ٢ / ١٢٠.
(٥) اللسان «ح ب ر».
(٦) هو في حديث أبي موسى «لو علمت أنّك تسمع لقراءتي لحبرتها لك تحبيرا» ، انظر : النهاية في غريب الحديث والأثر لابن الأثير ١ / ٣٢٧.
(٧) انظر : النهاية المرجع السابق ١ / ٣٢٧ ، وغريب الحديث لأبي عبيد ١ / ٨٥ ، الفائق في غريب الحديث للزمخشري ١ / ٢٢٩ ، واللسان «ح ب ر» ٧٤٩.
(٨) في «ب» فالفتح.
(٩) انظر الدر المصون ٤ / ٣١٧ ، والقرطبي ١٤ / ١١ واللسان «ح ب ر» ٧٤٩. وانظر : غريب القرآن لابن قتيبة ٣٤١.
(١٠) البيت له من البسيط. وقوله : «مسبل ، هطل» صفتان لموصوف محذوف أي سحاب أو غيث و «المسبل» المنتشر الكثير ، والهطل : غزير الماء. ولقد أتى البيت لشاهد لغوي وهو أن الروضة هي لا تسمى هكذا إلا في مكان مرتفع حيث قال : «الحزن» وهو المكان المرتفع ، وانظر : مجاز القرآن ٢ / ١٢٠ ، والمفضليات بشرح الأنباري ٢٢٠ ، وابن جرير ٢١ / ١٩١ وفتح القدير ٤ / ١٢٨ ومجمع البيان ٧ / ٤٦٥ ، والقرطبي ١٤ / ١١ وإعراب القرآن للنحاس ٣ / ٢٦٨ و ١٦٥ والديوان «١٠٧» د / محمّد محمّد حسين.
(١١) حيث وقعت الواو عينا لفعال معتلة وقبلها كسرة وبعدها ألف وكانت في المفرد شبيهة بالمعلة وهذا أحد وجوه قلب الواو ياء.
(١٢) من شأنها وهذا بخلاف ما لو قال «الروضة» بالتعريف.
(١٣) ساقط من «ب».