إلى اعتقاد البشر باعتبار المشاهدة من أن إعادة الشيء أهون من اختراعه لاحتياج الابتداء إلى إعمال فكر غالبا ، وإن كان هذا (منتفيا) (١) عن (٢) البارىء تعالى فخوطبوا بحسب ما ألفوه.
الثاني : أن الضمير في «عليه» ليس عائدا على الله تعالى إنما يعود على الخلق أي والعود أهون على الخلق أي أسرع لأن البداء فيها تدريج من طور إلى طور إلى أن صارت إنسانا والإعادة لا تحتاج إلى هذه التدريجات فكأنه قيل : وهو أقصر عليه وأيسر وأقل انتقالا والمعنى يقومون بصيحة واحدة فيكون أهون عليهم من أن يكونوا نطفا ثم علقا ثم مضغا إلى أن يصيروا رجالا ونساء ـ وهي رواية الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس (٣).
الثالث : أن الضمير في «عليه» يعود على (المخلوق (٤) بمعنى) والإعادة أهون على المخلوق أي إعادته شيئا بعد ما أنشأه هذا في عرف المخلوقين ، فكيف ينكرون ذلك في جانب الله تعالى ، والثاني: أن «أهون» ليست للتفضيل بل هي صفة بمعنى «هيّن» كقولهم «الله أكبر» أي الكبير وهي رواية العوفيّ عن (٥) ابن عباس (٦).
وقد يجيء «أفعل» بمعنى الفاعل كقول الفرزدق :
٤٠٤٠ ـ إنّ الّذي سمك السّماء بنى لنا |
|
بيتا دعائمه أعزّ وأطول (٧) |
أي عزيزة طويلة. والظاهر عود الضمير في «عليه» على الباري تعالى ليوافق الضمير في قوله : (وله (٨) المثل الأعلى. قال الزمخشريّ : «فإن قلت : لم أخرت الصلة في قوله : (وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ) وقدمت في قوله) : (هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ) [مريم : ٩] قلت : هنالك قصد الاختصاص وهو (محزة) (٩) فقيل : هو على هين وإن كان مستصعبا عندك (١٠) أن يولد (١١) بين همّ وعاقر فذلك عليّ هين لا على غيري ، وأما هنا فلا معنى (١٢) للاختصاص كيف
__________________
(١) ساقط من «ب».
(٢) في «ب» على.
(٣) نقله القرطبي ١٤ / ٢٢.
(٤) ساقط من «ب».
(٥) العوفي هو : عطية بن سعد بن خبارة العوفي الجدلي أبو الحسن الكوفي عن أبي هريرة ، وأبي سعيد ، وابن عباس وعنه ابناه عمر ، والحسن وخلق مات سنة ١١١ ه ، انظر : خلاصة الكمال ٢٦٧ ، ٢٦٨.
(٦) القرطبي ١٤ / ٢١.
(٧) البيت له ، وهو مطلع قصيدة له في النقائص رقم ٣٩ وهو من الكامل وموجود بديوانه ٤١٧ الصاوي والقرطبي ١٤ / ٢١ والطبري ٢١ / ٢٥ والمجاز لأبي عبيدة ٢ / ١٢١ ، وابن يعيش ٦ / ٩٧ ، ٩٩ والأشموني ٣ / ٥١ ومعاهد التنصيص ٢ / ٣٧. والشاهد فيه : «أعز وأطول» حيث قصد منهما عدم التفضيل وإنما هما بمعنى الفاعلية أي عزيزة وطويلة كما أوضح أعلى وهذا رأى أبي عبيدة ومن نهج نهجه كالفراء.
(٨) ما بين القوسين كله ساقط من «ب».
(٩) ساقط من «ب» ولكنها في الكشاف كما في «أ».
(١٠) في الكشاف «عندكم».
(١١) في «ب» أن لم يولد وهو ما عليه الكشاف.
(١٢) انظر : الكشاف ٣ / ٢٢٠.