خبره وجهان : أحدهما : الجار الأول وهو «لكم» و (مِمَّا مَلَكَتْ) يجوز أن يتعلق بمحذوف على أنه حال من «شركاء» ؛ لأنه في الأصل نعت نكرة قدم عليها ، والعامل فيه العامل في هذا الجار الواقع خيرا ، أو الخبر مقدر بعد المبتدأ (١) ، و (فِي ما رَزَقْناكُمْ) متعلق «بشركاء» و «ما» في «مما» بمعنى النوع ، تقدير ذلك كله : هل شركاء فيما رزقناكم كائنون من النّوع (٢) الذي ملكته أيمانكم مستقرون لكم؟ «فكائنون» هو الوصف المتعلق به (مِمَّا مَلَكَتْ) ولما تقدم صار حالا و «مستقرون» هو الخبر الذي تعلق به «لكم».
والثاني : أن الخبر (مِمَّا مَلَكَتْ) و «لكم» متعلق بما تعلق به الخبر ، أو بمحذوف على أنه حال من «شركاء» أو بنفس «شركاء» كقولك : لك في الدنيا محب «فلك» متعلق (بمحبّ) وفي الدنيا (٣) هو الخبر. قوله : «وأنتم (فِيهِ سَواءٌ) هذه الجملة جواب للاستفهام (٤) الذي بمعنى النفي «وفيه» متعلق «بسواء».
قوله : (تَخافُونَهُمْ) فيه وجهان :
أحدهما : أنها خبر ثان «لأنتم» تقديره «فأنتم» مستوون معهم فيما رزقناكم خائفوهم كخوف بعضهم بعضا أيها السادة ، والمراد نفي الأشياء الثلاثة أعني الشركة والاستواء مع العبيد وخوفهم إياهم ، وليس المراد ثبوت الشركة ، ونفي الاستواء والخوف كما هو أحد الوجهين في قولك : ما تأتينا فتحدّثنا بمعنى ما تأتينا محدّثا بل تأتينا ولا تحدثنا بل المراد نفي الجميع كما تقدم. وقال أبو البقاء : (فَأَنْتُمْ فِيهِ سَواءٌ) الجملة في موضع نصب على جواب الاستفهام أي هل لكم فتستووا (٥) أنتم. وفيه نظر كيف(٦) يجعل جملة اسمية حالة محل جملة فعلية ويحكم على موضع الاسمية بالنصب بإضمار ناصب ، هذا مما لا يجوز ولو أنه فسر المعنى وقال : إن الفعل لو حل بعد الفاء لكان منصوبا بإضمار «أن» لكان صحيحا ، ولا بد أيضا أن يبين أن النصب على المعنى الذي قدمته من نفي الأشياء الثلاثة.
والوجه الثاني : أن «تخافونهم» في محل نصب (٧) على الحال من ضمير الفاعل في «سواء». أي فساووا خائفا بعضكم من بعض مشاركته له في المال أي إذا لم ترضوا أن يشارككم عبيدكم في المال فكيف تشركون بالله من هو مصنوع له؟ قاله أبو البقاء (٨).
وقال ابن الخطيب (٩) معنى حسنا وهو أن بين المثل والممثّل به مشابهة ومخالفة ، فالمشابهة معلومة والمخالفة من وجوه :
__________________
(١) الدر المصون ٤ / ٣٢٢.
(٢) المرجع السابق والبحر المحيط ٧ / ١٧١.
(٣) انظر : البحر المحيط ٧ / ١٧١ ، والدر المصون ٤ / ٣٢٢.
(٤) التبيان ١٠٤٠ والمراجع السابقة.
(٥) انظر : التبيان ٢ / ١٠٤٠.
(٦) البحر ٧ / ١٧١ والدر المصون ٤ / ٣٢٢.
(٧) التبيان ١٠٤٠ والمراجع السابقة.
(٨) المرجع السابق.
(٩) سبق القول بأن ابن الخطيب هو الإمام الفخر الرازي وقد عرّفت به.