(صفة) (١) للجلالة. وقدر الزمخشري الرابط المبتدأ ، والجملة الرافعة (خبرا) فقال : (مِنْ ذلِكُمْ) هو الذي ربط الجملة بالمبتدأ ، لأن معناه من أفعاله. قال أبو حيان : والذي ذكره (٢) النحويون أن اسم الإشارة يكون رابطا إذا أشير (٣) به إلى المبتدأ ، وأما ذلك (٤) هنا فليس بإشارة إلى المبتدأ لكنه شبيه بما أجازه الفراء من الرّبط بالمعنى (٥) وذلك في قوله : (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً يَتَرَبَّصْنَ) [البقرة : ٢٣٤] قال : التقدير يتربّصن أزواجهم ، فقدر الرابط (٦) بمضاف إلى ضمير «الذين» فحصل به الربط كذلك قدر الزمخشري (مِنْ ذلِكُمْ) من أفعاله بمضاف إلى (٧) الضمير العائد إلى المبتدأ.
قوله : (الَّذِي خَلَقَكُمْ) أوجدكم «و (رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ) جمع في هذه الآية بين الحشر والتوحيد ، أما الحشر فقوله : «يحييكم» ، وأما الدليل فقدرته على الخلق ابتداء وأما التوحيد ، فقوله : (هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ) ثم قال : (سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ) أي سبحوه تسبيحا ونزهوه ولا تصفوه بالإشراك»(٨). وقوله : «تعالى» أي لا يجوز ذلك عليه.
قوله : (مِنْ شُرَكائِكُمْ) خبر مقدم و «من» للتّبعيض و «من يفعل» هو المبتدأ ، و «ذلكم» متعلق بمحذوف ، لأنه حال من «شيء» بعده فإنه في الأصل صفة له و «من» الثانية مزيدة في المفعول به ؛ لأنه في حيّز النفي المستفاد من الاستفهام والتقدير : ما الذي يفعل شيئا من ذلكم من شركائكم (٩)؟.
وقال الزمخشري : «ومن الأولى والثانية كل واحدة مستقلة تأكيد لتعجيز شركائهم وتجهيل عبدتهم» (١٠).
وقال أبو حيان : ولا (١١) أدري ما أراد بهذا الكلام؟ وقرأ الأعمش «تشركون» بتاء الخطاب(١٢).
قوله تعالى : (ظَهَرَ الْفَسادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِما كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (٤١) قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلُ
__________________
(١) ساقط من «ب».
(٢) انظر : البحر المحيط ٧ / ١٧٥.
(٣) فيه : إذا كان أشير به.
(٤) وفيه : «ذلكم» بالجمع.
(٥) وفيه : وخالفه الناس وذلك الخ ...
(٦) فيه : فقدر الضمير بمضاف.
(٧) انظر : البحر المحيط ٧ / ١٧٥.
(٨) انظر : تفسير الإمام الفخر ٢٥ / ٢٧.
(٩) انظر : البحر المحيط ٧ / ١٧٥ ، والدر المصون ٤ / ٣٢٩.
(١٠) عبارته في الكشاف ٣ / ٢٢٤ : «ومن الأولى والثانية والثالثة كل واحدة منهن مستقلة بتأكيد لتعجيز شركائهم وتجهيل عبدتهم».
(١١) لم ألمح هذا التعجب وهذا التعقيب من أبي حيان للزمخشري في البحر المرجع السابق.
(١٢) انظر : البحر المحيط ٧ / ١٧٦.