الناصب ليومئذ قبله ، وقرأ الكوفيون (١) هنا وفي غافر (٢) بالياء (٣) من تحت وافقهم نافع على ما في غافر ؛ لأن التأنيث مجازيّ ولأنه قد فصل أيضا والباقون بالتأنيث فيهما مراعاة للفظ (٤).
قوله : (وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ) قال الزمخشري من قولك : استعتبني فلان فأعتبته أي استرضاني فأرضيته ، وذلك إذا كان (٥) جانبا (عليه) وحقيقة «أعتبته» أزلت عتبه ألا ترى إلى قوله :
٤٠٤٨ ـ غضبت تميم أن تقتّل عامر |
|
يوم النّسار فأعتبوا بالصّيلم (٦)(٧) |
كيف جعلهم غضابا ، ثم قال : «فأعتبوا» أي أزيل غضبهم ، والغضب في معنى العتب والمعنى لا يقال (لهم) (٨) أرضوا ربكم بتوبة وطاعة ، ومثله قوله تعالى : (فَالْيَوْمَ لا يُخْرَجُونَ مِنْها وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ)(٩). فإن قلت : كيف جعلوا غير مستعتبين في بعض الآيات وغير معتبين في بعضها وهو قوله : (وَإِنْ يَسْتَعْتِبُوا فَما هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ) قلت : أما كونهم غير مستعتبين فهذا معناه ، وأما كونهم (١٠) غير معتبين فمعناه أنهم غير راضين بما هم فيه فشبّهت حالهم بحال قوم جني عليهم فهم عاتبون على الجاني غير راضين (منه (١١)) فإن يستعتبوا الله أي يسألون إزالة ما هم فيه فما هم من المجابين (١٢) انتهى. وقال ابن عطية ويستعتبون (١٣) بمعنى يعتبون كما تقول يملك ، ويستملك ، والباب في «استفعل» طلب الشيء وليس هذا منه ؛ لأن المعنى كان يفسد إذ كان المفهوم منه ولا يطلب منهم عتبى. قال شهاب الدين (١٤) : «وليس (هذا) (١٥) فاسدا لما تقدم في قول الزمخشري (١٦).
__________________
(١) هم عاصم وحمزة والكسائي.
(٢) وهو قول الله من الآية ٥٢ منها : «يَوْمَ لا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ».
(٣) انظر : الإتحاف ٣٤٩ والسبعة ٥٠٩ والكشف ٢ / ١٨٦ والبحر المحيط ٧ / ١٨١ ، والقرطبي ١٤ / ٤٩ وزاد المسير ٦ / ٣١٢.
(٤) المراجع السابقة.
(٥) في الكشاف : «كنت جانيا» وانظر الكشاف للزمخشري ٣ / ٢٢٧.
(٦) ساقط من «ب» وموجودة في الكشاف أيضا.
(٧) البيت من تمام الكامل وهو لبشر بن أبي خازم الأسدي و «النّسار» ماء لبني عامر و «الصّيلم» الداهية المستأصلة ويسمى به السيف والمعنى أن قوم الشاعر أزالوا غضب تميم لمقاتلة عامر بالسيف أي أرضوهم بالقتل وهذا هو الشاهد كما قرره الزمخشري فوق. وقد تقدم.
(٨) ساقط من «ب».
(٩) الجاثية : ٣٥.
(١٠) في «ب» وإن قلت : غير معتبين.
(١١) ساقط من «ب» وهو في الكشاف «عنه».
(١٢) في الكشاف : من المجابين لإزالته.
(١٣) البحر المحيط ٧ / ١٨١.
(١٤) الدر المصون ٤ / ٣٣٦.
(١٥) ساقط من «ب».
(١٦) في الدر المصون : «أبي القاسم» بدلا من الزمخشري.