[الكهف : ٧٩] ، وقال : (فَأَرادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغا أَشُدَّهُما) [الكهف : ٨٢].
وأجاب ابن الخطيب بأجوبة أخر ، منها : أن أكثر أسباب المرض تحدث بتفريط الإنسان في مطاعمه ومشاربه وغير ذلك ، ومن ثم قال الحكماء : لو قيل لأكثر الموتى : ما سبب آجالكم؟ لقالوا : التخم. ومنها : أن الشفاء محبوب ، وهو من أصول النعم ، والمرض مكروه وليس من النعم وكان مقصود إبراهيم ـ عليهالسلام (١) ـ تعديد النعم ، ولما لم يكن المرض من النعم لا جرم لم يضفه إلى الله ، فإن نقضته بالأمانة فجوابه : أن الموت ليس بضرر ، لأن شرط كونه ضررا وقوع الإحساس به ، وحال حصول الموت لا يحصل الإحساس به ، إنما الضرر في مقدماته ، وذلك هو عين المرض ، ولأن الأرواح إذا كملت في العلوم والأخلاق كان بقاؤها في هذه الأجساد عين الضرر ، وخلاصتها عنها عين السعادة (بخلاف المرض (٢)) (٣).
قوله : (وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ). والمراد منه : الإماتة في الدنيا والتخلص عن آفاتها ، والمراد من الإحياء : المجازاة (٤) ، ولذلك أدخل «ثمّ» ههنا للتراخي ، أي : يميتني (٥) ويحيين في الآخرة.
قوله : (وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ) قرأ العامة : «خطيئتي» بالإفراد. والحسن : «خطاياي» (٦) جمع تكسير. فإن قيل : لم قال : (وَالَّذِي أَطْمَعُ) والطمع عبارة عن الظن والرجاء ، وهو عليهالسلام (٧) كان قاطعا بذلك؟ فالجواب : هذا الكلام يستقيم على مذهب أهل السنة ، حيث قالوا : لا يجب على الله لأحد شيء ، وأنه يحسن منه كل شيء ، ولا اعتراض لأحد عليه في فعله.
وأجاب الجبائي عنه من وجهين :
الأول : أن قوله : (وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي) أراد به سائر المؤمنين ، لأنهم الذين يطمعون ولا يقطعون به.
والثاني : المراد (٨) من الطمع : اليقين ، وهو المروي عن الحسن (٩).
وأجاب الزمخشري بأنه إنما ذكره على هذا الوجه تعليما لأمته كيفية الدعاء (١٠).
قال ابن الخطيب : وهذه وجوه ضعيفة ، أما الأول فإن الله تعالى حكى الثناء أولا
__________________
(١) في ب : عليه الصلاة والسلام.
(٢) انظر الفخر الرازي ٢٤ / ١٤٥.
(٣) ما بين القوسين سقط من ب.
(٤) انظر الفخر الرازي ٢٤ / ١٤٥.
(٥) في ب : يميتني في الدنيا.
(٦) المختصر (١٠٧) ، تفسير ابن عطية ١١ / ١٢٥ ، البحر المحيط ٧ / ٢٥ ، الإتحاف (٣٣٣).
(٧) في ب : عليه الصلاة والسلام.
(٨) في ب : أن المراد.
(٩) انظر الفخر الرازي ٢٤ / ١٤٥.
(١٠) انظر الكشاف ٣ / ١١٨ ، الفخر الرازي ٢٤ / ١٤٥.