على نظيرها في الوعد (١). واعلم أن أكثر المفسرين قال : إن السموات مبسوطة كصحف مستوية (٢) لقوله تعالى : (يَوْمَ نَطْوِي السَّماءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ) [الأنبياء : ١٠٤]. وقال بعضهم : إنها مستديرة وهو قول (جميع (٣)) المهندسين والغزاليّ (٤) ـ رحمهالله (٥) ـ قال ونحن نوافقهم على ذلك فإن لهم عليها دليلا من المحسوسات ومخالفة الحسّ لا يجوز وإن كان في الباب خبر نؤوله بما يحتمله فضلا من (أن (٦)) ليس في القرآن والخبر مما يدل على ذلك صريحا بل ما يدل عليه الاستدارة (٧) كقوله تعالى : (لٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) [الأنبياء : ٣٣] «والفلك» اسم لشيء مستدير بل الواجب أن يقال : إن السماء سواء كانت مستديرة أو صفحة مستقيمة هو مخلوق بقدرة الله لا بإيجاب وطبع (وتقدم (٨)) الكلام على نظير الآية إلى قوله : «كريم» (٩). والكريم الحسن ، أو ذي كرم لأنه يأتي كثيرا من غير حساب أو مكرم (١٠) مثل نقيص للمنقص.
قوله : (هذا خَلْقُ اللهِ) يعني هذا الذي ذكرت مما يعاينون خلق الله (فَأَرُونِي ما ذا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ) من آلهتكم التي تعبدونها وتقدم «ماذا» الاستفهام في البقرة (١١). (بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) أي بين ، أو مبين للعاقل أنه ضلال ، والمراد بالظالمين المشركين الواضعين العبادة في غير موضعها.
قوله تعالى : (وَلَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّما يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ (١٢) وَإِذْ قالَ لُقْمانُ لابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ (١٣) وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلى وَهْنٍ وَفِصالُهُ فِي عامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ (١٤) وَإِنْ جاهَداكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُما وَصاحِبْهُما فِي الدُّنْيا مَعْرُوفاً وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (١٥) يا بُنَيَّ إِنَّها إِنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّماواتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللهُ إِنَّ اللهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ (١٦) يا بُنَيَّ
__________________
(١) يقصد قوله تعالى : «اللهُ الَّذِي رَفَعَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ ...» الآية وهي الآية رقم «٢».
(٢) في «ب» لصحف مبسوطة.
(٣) سقطت من «ب».
(٤) ساقط من «ب».
(٥) تقدم.
(٦) نقله الفخر الرازي ٢٥ / ١٤٣ وما بين القوسين سقط من «ب».
(٧) في «ب» ما يدل على الاستدارة.
(٨) سقطت من «ب».
(٩) يشير إلى الآية «٧» من الشعراء وهي قوله تعالى : أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الْأَرْضِ كَمْ أَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ.
(١٠) في «ب» يكرم.
(١١) يقصد قول الله عزوجل «ما ذا أَرادَ اللهُ بِهذا مَثَلاً» من الآية ٣٦ من نفس السورة.