فإن قلت : لم قيل : من شجرة بالتوحيد؟ قلت : أريد تفصيل الشجرة وتقصّيها شجرة شجرة حتى لا يبقى من جنس الشجر واحدة إلا قد بريت أقلاما. قال أبو حيان : وهو من (١) وقوع المفرد موقع الجمع والنكرة موضع المعرفة كقوله : (ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها) [البقرة : ١٠٦].
قال شهاب الدين : وهذا يذهب بالمعنى الذي أبداه الزمخشري (٢).
قوله : «والبحر» قرأ أبو عمرو بالنصب ، والباقون بالرفع (٣) ، فالنصب من وجهين :
أحدهما : العطف على اسم «أنّ» أي ولو أنّ البحر (٤) ، و «يمدّه» الخبر.
والثاني : النصب بفعل مضمر يفسره «يمده». والواو حينئذ للحال ، والجملة حالية ، ولم يحتج إلى ضمير رابط بين الحال وصاحبها للاستغناء عنه بالواو ، والتقدير : ولو أنّ الّذي في الأرض حال كون البحر ممدودا بكذا. وأما الرفع ، فمن وجهين :
أحدهما : العطف على «أن» وما في حيّزها (٥) ، وقد تقدم في «أنّ» الواقعة بعد «لو» مذهبان مذهب سيبويه الرفع على الابتداء (٦) ، ومذهب المبرد على الفاعلية (٧) بفعل مقدر وهما عائدان هنا. فعلى مذهب سيبويه يكون تقدير العطف ولو أنّ البحر ، إلا أن أبا حيان قال : إنه لا يلي المبتدأ اسما صريحا (٨) إلا في ضرورة كقوله :
٤٠٥٣ ـ لو بغير الماء حلقي شرق |
|
............. (٩) |
__________________
(١) تفسير البحر المحيط ٧ / ١٩٢.
(٢) الدر المصون ٤ / ٣٤٩.
(٣) ذكره في الإتحاف ٣٥٠ ، والفراء في معاني القرآن ٢ / ٣٢٩ وأبو حيان في بحره ٧ / ١٩١ ، والقرطبي ١٤ / ٧٧.
(٤) ذكر ذلك العكبري في التبيان ٢ / ١٠٤٥ وابن الأنباري في البيان ٢ / ٢٥٦ وأبو حيان في البحر ٧ / ١٩١ ومكي في مشكل إعراب القرآن ٢ / ١٨٤.
(٥) التبيان ٢ / ١٠٤٥ والبيان ٢ / ٢٥٦ والكشف ١٩٧ / ٢ والقرطبي ١٤ / ٧٧ والمشكل ٢ / ١٨٤ والكشاف في كلا الوجهين النصب والرفع ٣ / ٢٣٦.
(٦) يقول في الكتاب ٣ / ١٢١ : «لو أنه ذاهب لكان خيرا له» فأن مبنية على «لو» كما كانت مبنية على «لولا» كأنك «قلت : لو ذاك» ثم جعلت «أنّ» وما بعدها في موضعه فهذا تمثيل وإن كانوا لا يبنون على «لو» غير «أنّ».
(٧) يقول في المقتضب ٣ / ٧٧ و «لو» لا تقع إلا على فعل فإن قدمت الاسم قبل الفعل فيها كان على فعل مضمر ، وذلك كقوله ـ عزوجل ـ : «فلو لا أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي» إنما أنتم رفع بفعل يفسره ما بعده وكذلك :
فلو غير أخوالي أرادوا نقيصتي |
|
جعلت لهم فوق العرانين ميسما |
ومن ذلك قول العرب : لو ذات سوار لطمتني «إنما أراد : لو لطمتني ذات سوار».
(٨) انظر : البحر ٧ / ١٩١.
(٩) هذا صدر بيت من الرمل لعديّ بن زيد وعجزه :
............ |
|
كنت كالغصّان بالماء اعتصاري ـ |