ولا نصرة من غير الله ، ولا شفاعة (١) إلا بإذن الله فعبادتكم لهذه الأصنام باطلة ضائعة.
ثم قال : (أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ) ما علمتموه من أنه خالق السموات والأرض ، وخالق لهذه الأجسام العظام ، لا يقدر (٢) عليه مثل هذه الأصنام حتى ينصروكم وتكون لها (٣) شفاعة.
قوله : (يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّماءِ إِلَى الْأَرْضِ) لما بين الخلق بين الأمر كما قال تعالى : (أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ) [الأعراف : ٥٤] يحكم الأمر ، وينزل القضاء ، والقدر من السماء إلى الأرض. وقيل : ينزل الوحي مع جبريل ـ عليهالسلام ـ بالأمر (٤).
قوله : (ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ) العامة على بنائه للفاعل. وابن أبي عبلة على بنائه للمفعول (٥). والأصل يعرج به ، ثم حذف الجار فارتفع الضمير واستتر. وهو شاذ (٦) يصلح لتوجيه مثلها ، والمعنى : أن أمره ينزل من السماء على عباده ويعرج إليه أعمالهم الصالحة الصادرة على موافقة ذلك الأمر (٧).
قوله : (فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ) (أي في يوم (٨) واحد يعني نزول وعروج العمل في مسافة ألف سنة ممّا تعدّون) ، وهو بين السماء والأرض فإن مسافته خمسمائة سنة (فينزل (٩) في مسيرة خمسمائة سنة ويعرج في خمسمائة سنة فهو مقدار ألف سنة) يقول لو سار أحد من بني آدم لم يقطعه إلا في ألف سنة والملائكة يقطعونه في يوم واحد هذا في وصف عروج الملائكة (١٠) من الأرض إلى السماء وأما قوله : (تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ) [المعارج : ٤] أراد مدة المسافة من الأرض إلى سدرة المنتهى التي هي مقام جبريل ـ عليهالسلام ـ يسير جبريل والملائكة الذين معه من أهل مقامه مسيرة خمسين ألف سنة في يوم واحد من أيام الدنيا. قاله مجاهد (١١) والضحاك ، وقيل : إن ذلك (١٢) إشارة إلى امتداد نفاذ الأمر وذلك لأن من نفذ أمره غاية النّفاذ في يوم أو يومين وانقطع لا يكون مثل من ينفذ أمره في سنين متطاولة ، فقوله : (فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ) ، يعني يدبر الأمر في زمان يوم منه ألف سنة فكم يكون شهر منه (وكم تكون سنة) (١٣) منه وكم يكون دهر منه ، وعلى هذا فلا فرق بين هذا وبين قوله : (مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ) لأن ذلك (إذا كان إشارة (١٤) إلى دوام إنفاذ الأمر ،
__________________
(١) وفيها : إذ لا شفاعة.
(٢) في «ب» : لا قدرة لهذه الأصنام.
(٣) في «ب» : فكيف ينصرونكم ويكونون لكم شفعاء.
(٤) وانظر في هذا كله الرازي ٢٥ / ١٦٩ و ١٧١ و ١٧٢.
(٥) وهي قراءة معاذ القارىء وابن السميقع أيضا. وانظر : زاد المسير ٦ / ٣٣٤ والكشاف ٣ / ٢٤٠.
(٦) نقله صاحب الدر المصون ٤ / ٣٥٥.
(٧) وانظر : الرازي السابق ٢٥ / ١٧٢.
(٨) ساقط من «ب».
(٩) ساقط من «ب» كذلك.
(١٠) في «ب» الملك بصيغة الإفراد.
(١١) القرطبي ١٤ / ٨٩.
(١٢) التفسير الكبير ٢٥ / ١٧٢.
(١٣) ساقط من «ب».
(١٤) ساقط من «ب».