جَعَلَ اللهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ) نزلت في أبي يعمر (١) (و (٢)) جميل بن معمر الفهري وكان رجلا لبيبا حافظا لما يسمعه (٣) فقالت قريش : ما حفظ أبو معمر هذه الأشياء إلا وله قلبان وكان يقول : لي قلبان (٤) أعقل بكلّ واحد منهما أفضل من عقل محمد فلما هزم الله المشركين يوم بدر انهزم أبو معمر فلقيه أبو سفيان وإحدى نعليه بيده والأخرى في رجله فقال له : يا أبا معمر ما حال الناس؟ قال : انهزموا قال فما لك إحدى نعليك (في يدك (٥)) والأخرى في رجلك. قال أبو معمر : ما شعرت إلا أنهما في رجلي فعلموا يومئذ أنه لو كان له قلبان لما نسي نعله في يده (٦).
وقال الزّهريّ ومقاتل : هذا (٧) مثل ضربه الله للمظاهر من امرأته والمتبنيّ ولد (٨) غيره يقول (٩) : فكما لا يكون لرجل قلبان فكذلك (١٠) لا يكون امرأة المظاهر أمه حتى يكون لها ابنا ولا يكون ولدا واحدا من (١١) رجلين. (قال الزّمخشري (١٢)) : قوله : (وَما جَعَلَ أَزْواجَكُمُ اللَّائِي تُظاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهاتِكُمْ) أي ما جعل الله لرجل قلبين كما لم يجعل لرجلين أمين ولا لابن أبوين (١٣) ، (وقوله : (وَما جَعَلَ أَزْواجَكُمُ اللَّائِي)) (١٤) قرأ الكوفيون وابن عامر اللائي ههنا وفي سورة الطلاق بياء (١٥) ساكنة بعد همزة مكسورة وهذا هو الأصل في هذا اللفظة لأنه جمع «التي» معنى وأبو عمرو والبزّيّ (١٦) اللائي بياء ساكنة وصلا بعد ألف محضة في أحد وجهيها ، ولهما وجه آخر سيأتي ، ووجه هذه القراءة أنهما حذفا الياء بعد الهمزة تخفيفا ثم أبدلا الهمزة ياء وسكناها لصيرورتها ياء مكسورا ما قبلها (١٧) (إلّا أنّ هذا ليس بقياس وإنما القياس (١٨) جعل الهمزة بين بين).
__________________
(١) في «ب» معمر وهو الأصح.
(٢) زيادة من «أ» لا معنى لها.
(٣) في «ب» لما يسمع بدون عائد.
(٤) في «ب» إن لي قلبين.
(٥) سقط من «ب».
(٦) القرطبي ١٤ / ١١٦.
(٧) المرجع السابق.
(٨) في «ب» وللمتمني ولد غيره.
(٩) في «ب» معقول بدلا من «يقول» وهو تحريف.
(١٠) في «ب» كذلك.
(١١) في «ب» ابن رجلين.
(١٢) ساقط من «ب».
(١٣) انظر : الكشاف ٣ / ٢٩٤.
(١٤) ساقط من «ب».
(١٥) انظر : الكشاف ٣ / ٢٤٦ والإتحاف ٣٥٢ والسبعة ٥١٨ وإبراز المعاني ٦٤٤ وهي قراءة حمزة والكسائي وعاصم أيضا وهذا الاتفاق يجيء في سورة المجادلة أيضا.
(١٦) هو : أحمد بن محمد بن عبد الله بن القاسم بن نافع بن أبي بزة أبو الحسن البزّي المكّي المقرىء قارىء ومؤذن المسجد الحرام مات سنة ٢٥٠ ه ، غاية النهاية ١ / ١١٩ وكذلك معرفة القراء الكبار ١ / ١٧٣.
(١٧) كياء الغازي والقاضي وانظر : حجة ابن خالويه ٢٨٨ والكشف عن وجوه القراءات ٢ / ١٩٣.
(١٨) تكملة وزيادة من «ب».