٣٨٩٥ ـ كما شرقت صدر القناة من الدم (١)
الرابع : أن «الأعناق» جمع «عنق» من الناس ، وهم الجماعة (٢) ، فليس المراد الجارحة البتة ، ومنه قوله :
٣٨٩٦ ـ أن العراق وأهله |
|
عنق إليك فهيت هيتا (٣) |
وهذا قريب من معنى الأول ، إلا أن هذا القائل يطلق «الأعناق» على جماعة الناس مطلقا ، رؤساء كانوا أو غيرهم.
الخامس : قال الزمخشري : أصل الكلام : فظلوا لها خاضعين ، فأقحمت «الأعناق» لبيان موضع الخضوع ، وترك الكلام على أصله كقولهم : ذهبت أهل [اليمامة ، كأن الأهل غير مذكور (٤). قال شهاب الدين : وفي التنظير بقوله : ذهبت أهل اليمامة](٥) نظر ، لأن (أهل) ليس مقحما البتة ، لأنه المقصود بالحكم ، وأما التأنيث فلا كتسابه التأنيث (٦) (بالإضافة) (٧).
السادس : أنها عوملت معاملة العقلاء لما أسند إليهم ما يكون فعل العقلاء (٨) ، كقوله : «ساجدين» (٩) و «طائعين» (١٠) في يوسف وفصلت (١١).
وقيل : إنما قال : «خاضعين» لموافقة رؤس الآي.
والثاني : أنه منصوب على الحال من الضمير في «أعناقهم» قاله الكسائي (١٢) وضعفه أبو البقاء ، قال : لأن «خاضعين» يكون جاريا على غير فاعل «ظلت» فيفتقر إلى إبراز ضمير الفاعل ، فكان يجب أن يكون : خاضعين هم (١٣).
__________________
(١) عجز بيت من بحر الطويل ، قاله الأعشى ، وصدره :
وتشرق بالقول الذي قد أذعته
وتقدم تخريجه. والشاهد فيه قوله : شرقت فإنه أنثه مع أن الفاعل مذكر ، لأنه مضاف إلى مؤنث وهو (القناة) فاكتسب التأنيث منه.
(٢) أشار إليه الأخفش ؛ فإنه قال : (يزعمون أنها على الجماعات نحو : هذا عنق من الناس. يعنون الكثير) معاني القرآن ٢ / ٦٤٣ ـ ٦٤٤ ، وانظر التبيان ٢ / ٩٩٣.
(٣) البيت من بحر الكامل ، أنشده الفراء لرجل يدعو أمير المؤمنين علي بن أبي طالب للذهاب إلى العراق. وهو في معاني القرآن ٢ / ٤٠ ، الخصائص ١ / ٢٧٩ ، تفسير ابن عطية ١١ / ٨٩ ، ابن يعيش ٤ / ٣٢ ، اللسان (عنق ، هيت) ، البحر المحيط ٧ / ٥ عنق : بمعنى الجماعة ، وهو موطن الشاهد ، وروآية الفراء : سلم عليك فلا شاهد فيها. هيت : اسم فعل أمر بمعنى أسرع.
(٤) الكشاف ٣ / ١٠٧.
(٥) ما بين القوسين سقط من الأصل.
(٦) الدر المصون ٥ / ١٥٠.
(٧) زيادة يستقيم بها الكلام.
(٨) انظر تفسير ابن عطية ١١ / ٩١ ، البحر المحيط ٧ / ٦.
(٩) من قوله تعالى : «رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ» [يوسف : ٤].
(١٠) من قوله تعالى : «قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ»[فصلت : ١١].
(١١) في النسختين : والسجدة.
(١٢) انظر التبيان ٢ / ٩٩٣.
(١٣) التبيان ٢ / ٩٩٣.