نَفْسَكَ). قرأ قتادة : «باخع نفسك» على الإضافة (١). والمعنى قاتل نفسك (أَلَّا (٢) يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ) أي : إن لم يؤمنوا ، وذلك حين كذبه أهل مكة فشق عليه ذلك ، وكان يحرص على إيمانهم ، فأنزل الله هذه الآية (٣) ، وهذا تسلية للرسول ، أي : لا تبالغ في الحزن والأسف ، فصبره وعزاه وعرفه أن غمه وحزنه لا ينفع ، كما أن وجود الكتاب وو ضوحه لا ينفع.
قوله : (إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ). العامة على نون العظمة فيهما. وروي عن أبي عمرو بالياء فيهما ، أي : إن يشأ الله ينزل (٤). و «إن» أصلها أن تدخل على المشكوك فيه (٥) أو المحقق المبهم زمانه ، والآية من هذا الثاني.
قوله : «فظلت» عطف على «ننزل» فهو في محل جزم (٦). ويجوز أن يكون مستأنفا غير معطوف على الجزاء (٧). ويؤيد الأول قراءة طلحة : «فتظلل» (٨) بالمضارع مفكوكا (٩). قوله : «خاضعين». فيه وجهان :
أحدهما : أنه خبر عن «أعناقهم» (١٠). واستشكل جمعه جمع سلامة ؛ لأنه مختص بالعقلاء. وأجيب عنه بأوجه :
أحدها : أن المراد بالأعناق : الرؤساء كما قيل : لهم وجوه وصدور (١١) ، قال :
٣٨٩٤ ـ في محفل من نواصي الخيل مشهود (١٢)
الثاني : أنه على حذف مضاف ، أي : فظل أصحاب الأعناق ، ثم حذف وبقي الخبر على ما كان عليه قبل حذف المخبر عنه مراعاة للمحذوف (١٣) ، وتقدم ذلك قريبا عند قراءة : (وَقَمَراً مُنِيراً) [الفرقان : ٦١].
الثالث : أنه لما أضيف إلى العقلاء اكتسب منهم هذا الحكم (١٤) ، كما يكتسب التأنيث بالإضافة لمؤنث في قوله :
__________________
(١) المختصر (١٠٦) ، الكشاف ٣ / ١٠٧ ، البحر المحيط ٧ / ٥.
(٢) في ب : قوله : «ألا ...».
(٣) انظر البغوي ٦ / ٢٠٥ ـ ٢٠٦.
(٤) تفسير ابن عطية ١١ / ٧٨٨ ، البحر المحيط ٧ / ٥.
(٥) (فيه) : تكملة ليست في المخطوط.
(٦) انظر الكشاف ٣ / ١٠٧ ، البيان ٢ / ٢١١ ، التبيان ٢ / ٩٩٣.
(٧) انظر التبيان ٢ / ٩٩٣.
(٨) في النسختين : فتظال.
(٩) البحر المحيط ٧ / ٥.
(١٠) انظر البيان ٢ / ٢١١.
(١١) نقله الفراء عن مجاهد. معاني القرآن ٢ / ٢٧٧ ، البيان ٢ / ٢١١ ، التبيان ٢ / ٩٩٣.
(١٢) عجز بيت من بحر البسيط ، قالته أم قبيئس الضبية ، وصدره :
ومشهد قد كفيت الغائبين
وهو في الكشاف ٣ / ١٠٧ ، اللسان (نصا) بروآية (الناس) مكان (الخيل) والبحر المحيط ٧ / ٦.
(١٣) انظر البيان ٢ / ٢١١ ، التبيان ٢ / ٩٩٣.
(١٤) قال الأخفش : (أو يكون ذكره لإضافته إلى المذكر كما يؤنث لإضافته إلى المؤنث) معاني القرآن ٢ / ٦٤٤. وانظر البيان ٢ / ٢١١ ـ ٢١٢ ، التبيان ٢ / ٩٩٣.