الكلبي وتبناه قبل الوحي وآخى بينه (١) وبين (٢) حمزة بن عبد المطلب فلما تزوج رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ زينب بنت جحش وكانت تحت زيد بن حارثة قال المنافقون تزوج محمد امرأة ابنه وهو ينهى الناس عن ذلك فأنزل الله هذه الآية (٣) ، ونسخ التبني. واعلم أن الظهار كان في الجاهلية طلاقا حتى كان للزوج أن يتزوج بها من جديد.
قوله : (ذلِكُمْ قَوْلُكُمْ) مبتدأ وخبر أي دعاؤكم الأدعياء أبناء مجرد قول لسان (٤) من غير حقيقة ، والأدعياء جمع دعيّ بمعنى مدعوّ فعيل بمعنى مفعول وأصله دعيو فأدغم (٥) ولكن جمعه على أدعياء غير مقيس ؛ لأن «أفعلاء» إنما يكون جمعا لفعيل المعتل اللام إذا كان بمعنى فاعل نحو : تقيّ وأتقياء ، وغنيّ وأغنياء ، وهذا وإن كان فعيلا معتل اللام إلا أنه بمعنى مفعول فكان قياس جمعه على فعلى كقتيل وقتلى ، وجريح ، وجرحى ، ونظير هذه (الآية (٦) في) الشذوذ ، قولهم : أسير وأسراء ، والقياس: أسرى (٧) ، وقد سمع فيه الأصل (٨). واعلم أن الله تعالى قال ههنا (ذلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْواهِكُمْ) وقال في قوله : (وَقالَتِ النَّصارى الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ ذلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْواهِهِمْ) [التوبة : ٣٠] يعني نسبة الشخص إلى غير الأب قول لا حقيقة له ولا يخرج من قلب ولا يدخل أيضا في قلب ، فهو قول بالفم مثل أصوات البهائم.
قوله : (وَاللهُ يَقُولُ الْحَقَّ) أي قوله الحق (وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ) أي يرشد إلى سبيل الحق وهذا إشارة إلى أنه ينبغي للعاقل أن يكون قوله إما من عقل أو شرع فإذا قال : فلان بن فلان ينبغي أن يكون عن حقيقة أو شرع بأن يكون ابنه شرعا وإن لم تعلم الحقيقة كمن تزوج بامرأة فولدت لستة أشهر ولدا وكانت (٩) الزوجة من قبل زوجة شخص آخر يحتمل أن يكون الولد منه فإنا نلحقه بالزوج الثاني لقيام الفراش ونقول : إنه ابنه شرعا ، وفي الدّعيّ لم توجد (١٠) الحقيقة ولا ورد الشرع به لأنه لا يقول إلا الحق وهذا خلاف الحق ، لأن أباه مشهور ظاهر وأشار فيه من وجه آخر إلى أن قولهم هذه زوجة الابن فتحرم فقال الله هي لك حلال فقولهم لا اعتبار له لأنه بأفواههم كأصوات البهائم وقوله الحقّ فيجب اتباعه وهو يهدي السبيل فيجب اتباعه لكونه حقا ولكونه هاديا (١١).
__________________
(١) في «ب» بنته.
(٢) في «ب» من حمزة.
(٣) ذكره القرطبي في ١٤ / ١١٨ و ١٤ / ١٩٤ وقد روى الأئمة أن ابن عمر قال : ما كنا ندعو زيد بن حارثة إلا زيد بن محمد حتى نزلت : «ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللهِ».
(٤) في «ب» للسان.
(٥) بعد أن اجتمعت الواو والياء وسبق إحداهما بالسكون فقلبت الواو ياء ثم كانت مرحلة الإدغام اليائيّ.
(٦) سقط من «ب».
(٧) ذكره أبو حيان في البحر ٧ / ٢١٢ والدر ٤ / ٣٦٥.
(٨) الدر ٤ / ٣٦٥ ويقصد أنه سمع دعوى جمعا «لدعيّ» ولم أعثر على جمع تلك الكلمة بهذا الوزن.
(٩) الفخر ٢٥ / ١٩٢.
(١٠) في «ب» لم توجب.
(١١) نقله الفخر في التفسير ٢٥ / ١٩٢.