وقرأ ابن عباس وابن يعمر وقتادة وأبو رجاء وأبو حيوة وآخرون : عورة بكسر الواو وكذلك (وَما هِيَ بِعَوْرَةٍ)(١) ، وهما اسم فاعل (٢) ، يقال : عور المنزل : يعور عورا وعورة فهو عور ، وبيوت عورة ، قال ابن جني : تصحيح الواو شاذ ، يعني حيث تحركت وانفتح ما قبلها ولم تقلب ألفا (٣) ، وفيه نظر لأن شرط ذاك في الاسم الجاري على الفعل أن يعتل فعله نحو مقام ومقال ، وأما هذا ففعله صحيح نحو عور(٤) ، وإنما صح الفعل وإن كان فيه مقتضى الإعلال لمدرك آخر وهو أنه في معنى ما لا يعل (٥) وهو «أعور» ولذلك لم نتعجب من «عور» وبابه ، وأعورّ المنزل : بدت عورته ، واعورّ الفارس بدا منه خلله (٦) للضّرب قال الشاعر :
٤٠٧٥ ـ متى تلقهم لم تلق في البيت معورا |
|
ولا الصّيف مسجورا ولا الجار مرسلا (٧) |
ثم كذبهم الله تعالى فقال : (وَما هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلَّا فِراراً).
قوله : (وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ أَقْطارِها) ولو دخل عليهم المدينة أو البيوت يعني هؤلاء الجيوش الذين يريدون قتالهم وهم الأحزاب (مِنْ أَقْطارِها) جوانبها. وفيه لغة وتروى : أقتار ـ بالتاء(٨) ـ. والقطر : الجانب أيضا ومنه قطرته أي ألقيته على قطره فتقطّر أي وقع عليه قال :
٤٠٧٦ ـ قد علمت سلمى وجاراتها |
|
ما قطّر الفارس إلّا أنا (٩) |
وفي المثل : «الانفضاض يقطّر الجلب» (١٠) تفسيره أن القوم إذا انفضوا أي فني زادهم احتاجوا إلى جلب الإبل ، وسمي القطر (١١) قطرا لسقوطه.
__________________
ـ «وأنشدني أبو ثروان : البيت يعني لأسد» ولم ينسبه كذلك في اللسان «ع ور» وشاهده : «القرن أعورا» بمعنى انكشف وظهر للعدو للمنال. وانظر : اللسان «ع ور» ٣١٦٧ والبحر ٧ / ٢١٨.
(١) من القراءات الشاذة غير المتواترة انظر : المحتسب ٢ / ١٧٦ ومختصر ابن خالويه ١١٨.
(٢) ذكره في التبيان ١٠٥٣ والدر المصون ٤ / ٢٧٠.
(٣) ذكره في المحتسب ٢ / ١٧٦ ووجهة نظره أنها من المواضع التي تقلب فيها الواو ياء.
(٤) ذكره السمين أيضا في الدر المصون ٤ / ٣٧٠.
(٥) نقله في الدر المصون ٤ / ٣٧٠.
(٦) في «ب» خلل الضرب.
(٧) هو من بحر الطويل ورواه القرطبي : «مفجوعا» بدلا من «مسجورا» وانظر البحر المحيط ٧ / ٢١٨ والقرطبي ١٤ / ٤٨ والدر المصون ٤ / ٣٧٠.
(٨) انظر الإبدال لابن السّكّيت باب الطاء والتاء ١٢٩ ، والأمالي لأبي علي القالي ٢ / ١٥٦.
(٩) البيت مختلف في نسبته فمن نسبه إلى عمرو بن معد يكرب وهو من بحر السريع ، ومن ناسب له لأبي بجيلة ومن ناسب له لبعض اللصوص. والمشهور الأول. وشاهده : «قطر» أي ما صرعه فألقاه وأوقعه إلا هو. وقد تقدم.
(١٠) ذكره في اللسان ٣٦٧٢ ومجمع الأمثال ٣ / ٣٨١.
(١١) وهو المطر.