أحدهما : هو «لكم» (١) فيجوز في الجار الآخر (٢) وجوه : التعلق بما يتعلق به الخبر (٣) ، أي بمحذوف على أنه حال من «أسوة» (٤) ؛ إذ لو تأخر لكان صفة أو «بكان» على مذهب من يراه(٥).
الثاني : أن الخبر هو : (فِي رَسُولِ اللهِ) و «لكم» على ما تقدم في (رَسُولِ اللهِ) أو يتعلق بمحذوف على التبيين أعني لكم (٦).
قوله : (لِمَنْ كانَ يَرْجُوا) فيه أوجه :
أحدها : أنه بدل من الكاف في «لكم» قاله الزمخشري (٧) ، ومنعه أبو البقاء ، وتابعه أبو حيان ، قال أبو البقاء : وقيل : هو بدل من ضمير المخاطب بإعادة الجارّ ، ومنع منه الأكثرون ؛ لأن ضمير المخاطب لا يبدل منه (٨). وقال أبو حيان (٩) : قال الزمخشري بدل من «لكم» كقوله : (اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ) [الأعراف : ٧٥]. قال : ولا يجوز على (١٠) مذهب جمهور البصريين أن يبدل من ضمير المتكلم ولا من ضمير المخاطب بدل شيء من شيء وهما لعين واحدة وأجاز ذلك الكوفيون والأخفش وأنشد :
٤٠٧٧ ـ بكم قريش كفينا كلّ معضلة |
|
وأمّ نهج الهدى من كان ضلّيلا (١١) |
قال شهاب الدين : لا نسلم أن هذا بدل (١٢) شيء من شيء وهما لعين واحدة ، بل بدل بعض من كل باعتبار الواقع لأن الخطاب في قوله : «لكم» أعمّ من : «من كان يرجوا الله وغيره» ثم خصص ذلك العموم لأن المتأسّي به عليه (الصلاة (١٣) و) السلام في الواقع إنما هم المؤمنون ويدل عليه(١٤) ما قلته ظاهر تشبيه الزمخشري هذه الآية بآية الأعراف ، وآية الأعراف البدل فيها بدل كل من كل ومجاب (١٥) بأنه إنما قصد التشبيه في مجرد إعادة العامل.
__________________
(١) المرجع السابق وانظر كذلك التبيان ١٠٥٤.
(٢) وهو : «فِي رَسُولِ اللهِ».
(٣) وهو الاستقرار لا بأسوة.
(٤) قالهما السمين في الدر ٤ / ٣٧٦ وأبو البقاء في التبيان ١٠٥٥.
(٥) أي على مذهب من يرى أن كان وأخواتها تعمل في الخبر «جارّا وظرفا».
(٦) قالهما أبو حيان في البحر ٧ / ٢٢٢ وأبو البقاء في التبيان ١٠٥٥ والسمين في الدر ٤ / ٣٧٦.
(٧) انظر : الكشاف ٣ / ٢٥٦.
(٨) التبيان ١٠٥٥.
(٩) البحر المحيط ٧ / ٢٢٢.
(١٠) المرجع الأخير السابق.
(١١) البيت من بحر البسيط وهو مجهول قائله وشاهده في «بكم قريش» حيث أبدل «قريشا» من الكاف في «بكم» وعامة الجمهور لا يجيزه وأجازه الأخفش والكوفيون وعلى ذلك استشهدوا بهذا البيت. وقد تقدم.
(١٢) نقله شهاب الدين السمين في الدر ٤ / ٣٧٦ و ٣٧٧.
(١٣) زيادة من «ب».
(١٤) في الدر : «ويدلك».
(١٥) في «ب» والسمين «ويجاب» بلفظ الفعلية.