٤٠٧٨ ـ لا أرى الموت يسبق الموت شيء |
|
............. (١) |
ولأنه لو أعادهما مضمرين لجمع بين اسم الباري تعالى واسم رسوله في لفظة واحدة فكان يقال : «وصدقا» ، والنبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ قد كره ذلك ورد على من قال حيث قال : من يطع الله ورسوله فقد رشد ، ومن يعصهما فقد غوى فقال له بئس خطيب القوم أنت قل : ومن يعص الله ورسوله قصدا إلى تعظيم(٢) الله. وقيل إنما رد عليه لأنه وقف على «يعصهما» وعلى الأولى استشكل بعضهم قوله : «حتى يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما» (٣) فقد جمع بينهما في ضمير واحد وأجيب : بأن النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ أعرف بقدر الله منا فليس لنا أن نقول كما يقول.
قوله : (وَما زادَهُمْ) فاعل «زادهم» ضمير الوعد أي وما زادهم وعد الله أو الصدق. وقال مكي ضمير (٤) النظر لأن قوله «لما رأى» بمعنى لما نظر. وقال أيضا : وقيل ضمير الرؤية (٥) ، وإنما ذكر لأن تأنيثها (٦) غير حقيقي ولم يذكر غيرهما ، وهذا عجيب منه حيث حجّروا واسعا (٧) مع الغنية عنه. وقرأ ابن أبي عبلة «وما زادوهم» بضمير الجمع (٨) ، ويعود للأحزاب لأن النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ أخبرهم أن الأحزاب يأتيهم بعد عشر أو تسع.
قوله : (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ) ووفوا به.
قوله : «صدقوا» صدق يتعدى لاثنين لثانيهما بحرف الجر (٩) ، ويجوز حذفه (١٠) ومنه المثل : «صدقني سن بكرة» (١١) أي في سن. والآية يجوز أن تكون من هذا ، والأول محذوف أي صدقوا الله فيما عاهدوا الله عليه ، ويجوز أن يتعدى لواحد كقولك «صدقني
__________________
(١) هو من الخفيف وهو لعدي بن زيد ، وعجزه :
........... |
|
نغّص الموت ذا الغنى والفقيرا |
وشاهده : تكرير كلمة الموت تأكيدا واهتماما به أو نقول وضع الظاهر موضع المضمر فكان من الإمكان القول «لا أرى الموت يسبقه شيء» وهنا هو المألوف عادة ولكنه خرج هنا عنها لغرض بلاغي وهو الاهتمام بالأمر وتأكيده ، وقد عدوه من الضرورات الشعرية. وقد تقدم.
(٢) صحيح البخاري ١ / ٧ و ٤ / ٣٩.
(٣) مشكل الإعراب ٢ / ١٩٥.
(٤) السابق.
(٥) في «ب» لأن باعثهما وانظر : البيان ٢ / ٢٦٧ ومعاني الفراء ٢ / ٣٤٠.
(٦) يريد أن هذين الوجهين مشهوران عن غيره وقد نسبهما أي مكي لنفسه وفي الحديث : «لقد تحجرت واسعا» أي ضيقت ما وسعه الله وخصصت به.
(٧) ذكرهما أبو حيان في البحر المحيط ٧ / ٢٢٣.
(٨) قاله السمين في الدر ٤ / ٣٧٨.
(٩) أي حذف حرف الجر.
(١٠) ذكره الميداني في مجمع الأمثال وهو يضرب للصادق في قوله. وله قصة انظر : المجمع للميداني ٢ / ٢١٢ ، واللسان : «ص د ق» ٢٤١٧ ، وشاهده : تعدي «صدق» للمفعول الثاني المجيء بحرف جر والذي حذف جوازا وهو «سن» حيث كان «في سن» فحذفت «في» جوازا.
(١١) قاله أبو حيان في البحر ٧ / ٢٢٣ ، والسمين في الدر ٤ / ٣٧٨.