على غيره أم لا؟ والظاهر أنها لا تحرم وإلا لم يكن التخيير ممكنا لها من التمتع بزينة الدنيا ومنها أن من اختارت الله ورسوله هل كان يحرم على النبي عليه (الصلاة (١) و) السلام طلاقها أم لا؟ الظاهر الحرمة نظرا إلى منصب الرسول عليهالسلام على معنى أن النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ يمتنع منه أصلا لا بمعنى أنه لو أتى به لعوقب أو لعوتب.
قوله : (أَعَدَّ لِلْمُحْسِناتِ مِنْكُنَّ) أي من عمل صالحا منكن كقوله تعالى : (وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ) [لقمان : ٢٢] والأجر العظيم : الكثير الزائد في الطول وفي العرض وفي العمق حتى لو كان زائدا في الطول يقال له طويل ولو كان زائدا في العرض يقال له : عريض وكذلك العميق فإذا وجدت (منه) الأمور الثلاثة قيل عظيم ، فيقال : جبل عظيم إذا كان عاليا ممتدا في الجهات ، وإن كان مرتفعا حيث يقال : جبل عال. إذا عرف هذا فأجر الدنيا في ذاته قليل وفي صفاته غير خال عن جهة قبح لما في مأكوله ومشروبه من الضرر وغيره ، وأيضا فهو غير دائم ، وأجر الآخرة كثير خال عن جهات القبح دائم فهو عظيم (٢).
قوله تعالى : (يا نِساءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفاحِشَةٍ ...) الآية العامة على «يأت» بالياء من تحت حملا على لفظ «من» لأن «من» أداة تقوم مقام الاسم يعبر به عن الواحد والجمع (و) المذكر والمؤنث ، وزيد بن علي ، والجحدريّ ، ويعقوب بالتاء (٣) من فوق حملا على معناها لأنه يرشح بقوله : «منكنّ» (٤) حال من فاعل «يأت» وتقدم القراءة في «مبينة» (٥) بالنسبة لكسر الياء وفتحها ، في النساء.
قوله : «يضاعف» قرأ عمرو «يضعّف» (٦) ـ بالياء من تحت وتشديد العين مفتوحة على البناء للمفعول ـ العذاب بالرفع لقيامه مقام الفاعل ، وقرأ ابن كثير وابن عامر «يضعّف (٧)» ـ بنون العظمة وتشديد العين مكسورة على البناء للفاعل ـ العذاب بالنصب على المفعول به وقرأ الباقون «يضاعف» من المفاعلة مبنيا للمفعول العذاب بالرفع لقيامه مقام الفاعل (وقد (٨)) تقدم توجيه التضعيف والمضاعفة في سورة البقرة (٩).
__________________
(١) زيادة من نسخة «ب».
(٢) قاله الإمام فخر الدين الرازي في تفسيره ٢٥ / ٢٠٦.
(٣) ذكرها في البحر ٧ / ٢٢٨ وفي المحتسب ٢ / ١٧٩ وهي من القراءات الشاذة.
(٤) حكاه السمين في الدر ٤ / ٣٨٢.
(٥) يقصد الآية ١٩ من سورة النساء وهي قوله تعالى : «إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ».
(٦) معاني الفراء ٢ / ٣٤١ والسبعة ٥٢١ ، وإبراز المعاني ٦٤٨.
(٧) المراجع السابقة وانظر في توجيه هذه القراءات الكشف لمكي ٢ / ١٩٦ والحجة «لابن خالويه» ٣٨٩ كما قرر هو أعلى في النص.
(٨) ساقط من «ب».
(٩) يشير إلى قوله تعالى : «مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ» ... وهي الآية ٢٤٥ وقرر ـ