لأني لم أكن من المهاجرات وكنت من المطلقات (١) ، ثم نسخ شرط الهجرة في التحليل.
قوله «وامرأة» العامة على النصب وفيه وجهان :
أحدهما : أنها عطف على مفعول «أحللنا» أي وأحللنا لك امرأة موصوفة (٢) بهذين الشرطين ، قال أبو البقاء وقد رد هذا قوم ، وقالوا : «أحللنا» ماض ، و (إِنْ وَهَبَتْ) ـ وهو صفة للمرأة ـ مستقبل ، «فأحللنا» في موضع جوابه ، وجواب الشرط لا يكون ماضيا في المعنى ، قال : وهذا ليس بصحيح لأم معنى الإحلال ههنا الإعلام بالحل إذا وقع الفعل على ذلك كما تقول : «أبحت لك أن تكلم فلانا إن سلم عليك» (٣).
والثاني : أنه ينتصب بمقدر تقديره : «ويحل لك امرأة» (٤).
قوله : «إن وهبت ، إن أراد» هذا من اعتراض الشرط على الشرط ، والثاني هو قيد في الأول ولذلك نعربه حالا ، لأن الحال قيد ، ولهذا اشترط الفقهاء أن يتقدم الثاني على الأول في الوجود. فلو قال : إن أكلت إن ركبت فأنت طالق ، فلا بد أن يتقدم الركوب على الأكل ، وهذا له تحقق الحالية والتقييد كما ذكرنا ، إذ لو لم يتقدم لخلا جزء من الأكل غير مقيد بركوب فلهذا اشترطنا تقدم الثاني وقد مضى تحقيق هذا وأنه يشترط أن لا تكون ثمّ قرينة تمنع من تقدم الثاني على الأول كقوله : «إن تزوجتك إن طلقتك فعبدي حر» (لأنه) (٥) لا يتصور هنا تقديم الطلاق على التّزويج (٦).
قال شهاب الدين : وقد عرض لي إشكال على (٧) ما قاله الفقهاء بهذه الآية وذلك أن الشرط الثاني هنا لا يمكن تقدمه في الوجود بالنسبة إلى الحكم الخاص بالنبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ لا أنه لا يمكن عقلا ، وذلك أن المفسرين فسروا قوله تعالى : (إِنْ أَرادَ) بمعنى قبل الهبة (٨) لأن بالقبول منه عليه (الصلاة (٩) و) السلام يتم نكاحه وهذا لا يتصور تقدمه على الهبة إذ القبول متأخر ، وأيضا فإن القصة كانت على ما ذكرته من تأخر إرادته من هبتها وهو مذكور في التفسير (١٠) ، وأبو حيان لما جاء إلى ههنا جعل الشرط الثاني متقدما على
__________________
(١) في «ب» والبغوي الطلقاء وانظر : معالم التنزيل للإمام البغوي ٥ / ٢٦٨ وتفسير الخازن ٥ / ٢٦٨ أيضا.
(٢) قاله الفراء في معانيه ٢ / ٣٤٥ ومكي في مشكل الإعراب ٢ / ١٩٩ وأبو البقاء في التبيان ١٠٥٨ وابن الأنباري في البيان ٢ / ٢٧١ والسمين في الدر ٤ / ٣٩٦.
(٣) التبيان ١٠٥٨.
(٤) انظر : البيان والتبيان والدر المصون المراجع السابقة.
(٥) زيادة يقتضيها السياق.
(٦) انظر تلك الفقرة بأكملها فقرة «إن وهبت» في الدر المصون للسمين ٤ / ٣٩٦ وانظر : حاشية الجمل على الجلالين فيما نقله عن السمين ٣ / ٣٧٠.
(٧) ذكره في الدر المصون ٤ / ٣٩٦ و ٣٩٧ وفيه : «إلا أنه قد عرض لي إشكال».
(٨) في الدر «الهدية».
(٩) زيادة من «ب» عن الدر المصون و «أ».
(١٠) ممن قال بذلك الزمخشري في الكشاف ٣ / ٢٦٨ والقرطبي في الجامع ١٤ / ٢٠٩.