المؤمنين بالحجاب فأنزل الله آية الحجاب قال : بلغني ما آذين (١) رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ نساؤه قال : فدخلت عليهن فجعلت استقربهن واحدة واحدة قلت : والله لتنتبهن أو ليبدّلنّه الله أزواجا خيرا منكنّ حت أتيت على زينب فقالت : يا عمر : ما كان في رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ما يعظ نساءه حتى تعظهنّ أنت قال : فخرجت فأنزل الله : (عَسى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْواجاً خَيْراً مِنْكُنَ)(٢) الآية.
قوله : (إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ) فيه أوجه :
أحدها : أنها في موضع نصب على الحال تقديره إلّا مصحوبين بالإذن (٣).
الثاني : أنها على إسقاط باء السبب تقديره : «إلا بسبب الإذن لكم» كقوله «فأخرج به» (٤) أي بسببه (٥).
الثالث : أنه منصوب على الظرف قال الزمخشري : (إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ) في معنى الظرف تقديره : إلا وقت أن يؤذن لكم و (غَيْرَ ناظِرِينَ) حال من (لا تَدْخُلُوا) وقع الاستثناء على الحال والوقت معا كأنه قيل : لا تدخلوا بيوت النبي إلا وقت الإذن ولا تدخلوا إلّا غير ناظرين إناه (٦) ، ورد أبو حيان (٧) الأول بأن النحاة نصوا على أن «أن» المصدرية لا تقع موقع الظرف ، لا يجوز : «آتيك أن يصيح الديك» وإن جاز ذلك في المصدر الصريح نحو : «آتيك صياح الديك» ، ورد الثاني بأنه لا يقع بعد «إلا» في الاستثناء إلا المستثنى أو المستثنى منه أو صفته ولا يجوز فيما عدا هذا عند الجمهور (٨) ، وأجاز ذلك الكسائي والأخفش أجاز ا «ما قام القوم إلا يوم الجمعة ضاحكين» (٩) و «إلى طعام» متعلق ب «يؤذن» لأنه بمعنى إلّا أن يدعو إلى طعام (١٠) ، وقرأ العامة غير ناظرين ـ بالنصب على الحال ـ كما تقدم ، فعند الزمخشري ومن تابعه العامل فيه «يؤذن» وعند غيرهم العامل فيه مقدر تقديره ادخلوا غير ناظرين (١١) ، وقرأ
__________________
(١) في تفسير البغوي «بعض ما آذى».
(٢) انظر المرجع السابق وقد قال الإمام القرطبي عن هذا الرأي : «هذا واه لا يقوم على ساق». انظر : الجامع ١٤ / ٢٢٤.
(٣) قاله أبو البقاء قال : «أي لا تدخلوا إلا مأذنونا لكم» التبيان ١٠٦٠ وانظر : السمين في الدر ٤ / ٤٠٠.
(٤) بعض آية من البقرة ٢٢ «فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَراتِ رِزْقاً لَكُمْ».
(٥) وهذا رأي أبي إسحاق الزجاج في معاني القرآن ٤ / ٢٣٤ والنحاس في إعراب القرآن ٤ / ٣٢٢ وأبي حيان في البحر ٧ / ٢٤٦.
(٦) الكشاف ٣ / ٢٧٠.
(٧) مع تصرف في عبارته انظر : البحر المحيط ٧ / ٢٤٦.
(٨) انظر الهمع ١ / ٢٠٤.
(٩) انظر الهمع ١ / ٢٣٠.
(١٠) التبيان ١٠٦٠.
(١١) هو قول ابن الأنباري في البيان ٢ / ٢٧٢ وإن كان قد قال : غير منصوب على الحال من الواو في «لا تدخلوا» الظاهر.