قوله : (إِنْ تُبْدُوا شَيْئاً أَوْ تُخْفُوهُ) الآية نزلت (١) فيمن أضمر نكاح عائشة بعد رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وقيل : قال رجل من الصحابة ما بالنا نمنع الدخول على بنات أعمامنا فنزلت هذه الآية (٢) ، ولما نزلت آية الحجاب قال الآباء والأقارب ونحن أيضا نكلمهن من وراء حجاب فأنزل الله ـ عزوجل ـ (لا جُناحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبائِهِنَ وَلا إِخْوانِهِنَّ وَلا أَبْناءِ إِخْوانِهِنَّ وَلا أَبْناءِ أَخَواتِهِنَ) أي لا إثم عليهنّ في ترك الاحتجاب عن هؤلاء (٣)(وَلا نِسائِهِنَّ) قيل : أراد به نساء المسلمات حتى لا يجوز للكتابيات الدخول عليهن (٤).
وقيل : هو عام في المسلمات والكتابيات (٥) وإنّما قال : (وَلا نِسائِهِنَّ) لأنهن من أجناسهن ، وقدم الآباء لأن اطلاعهم على بناتهم أكثر ، وكيف وهم رأوا جميع بدن البنات في حال صغرهن ثم الأبناء ثم الإخوة وذلك ظاهر ، إنما الكلام في بني الإخوة حيث قدمهم الله عليه على بنات (٦) الأخوات لأن بني الأخوات آباؤهم ليس المحارم خالات (٧) أبنائهم وبني الإخوة آباؤهم محارم أيضا ، ففي بني الأخوات مفسدة ما وهي أن الابن ربما يحكي خالته عند أبيه وهو ليس بمحرم ولا كذلك بنو الإخوة. فإن قيل : لم يذكر الله تعالى من المحارم الأعمام والأخوال ولم يقل : ولا أعمامهن ولا أخوالهن؟.
فالجواب من وجهين :
أحدهما : أن ذلك معلوم من بني الإخوة وبني الأخوات لأن من علم أن بني الأخ للعمّات محارم علم أن بنات الأخ عند آبائهم وهم غير محارم وكذلك الحال في ابن (٨) الخال.
قوله : (وَلا ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُنَّ) ذكر هذا بعد الكل ، فإن المفسدة في التكشف لهم ظاهرة(٩) ، واختلفوا في عبد المرأة هل يكون محرما لها فقيل يكون لها لقوله : (وَلا ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُنَّ) ، وقيل : المراد من كان دون البلوغ (١٠).
قوله : (وَاتَّقِينَ) عطف على محذوف أي امتثلن ما أمرتن به واتّقين الله (١١) أن يراكنّ غير هؤلاء (١٢) ، وقوله : (إِنَّ اللهَ كانَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيداً) في غاية الحسن في هذا
__________________
(١ و ٢) المرجع السابق وانظر : تفسير الخازن ٥ / ٢٧٣ المسمى لباب التنزيل.
(٣) زاد المسير ٦ / ٤١٧.
(٤ و ٥) الخازن والبغوي ٥ / ٢٧٣.
(٦) في «ب» وتفسير الفخر الرازي : «بني الأخوات».
(٧) في تفسير الفخر : «إنما هم أزواج خالات أبنائهم».
(٨) في «ب» والرازي : «أمر الخال».
(٩) وانظر هذا كله في التفسير الكبير للفخر الرازي ٢٥ / ٢٢٦.
(١٠) ذكره الخازن في لباب التأويل والبغوي في معالم التنزيل ٥ / ٢٧٤ وابن الجوزي في زاد المسير ٦ / ٤١٨.
(١١) قاله السمين في الدر ٤ / ٤٠٦.
(١٢) قاله البغوي في معالم التنزيل ٥ / ٢٧٤.