عصيانهم. ثم قال : وهذا الوجه عليه المعوّل (١). قال أبو حيان : وهذا لا معوّل عليه ، فإنّ مذهب الجمهور أنّ ما قبل إلّا لا يعمل فيما بعدها إلّا أن يكون (٢) مستثنى أو مستثنى منه ، أو تابعا له غير معتمد على الأداة نحو : ما مررت بأحد إلّا زيد خير من عمرو. والمفعول له (٣) ليس واحدا من هذه.
ويتخرّج مذهبه على مذهب الكسائي والأخفش (٤) ، وإن كانا لم ينصّا على المفعول له بخصوصيته (٥). قال شهاب الدين : والجواب ما تقدم قبل ذلك من أنه يختار مذهب الأخفش (٦).
الثاني من الأوجه الأول (٧) : أنها في محل رفع خبرا لمبتدأ محذوف ، أي : هذه ذكرى ، وتكون الجملة اعتراضية (٨).
الثالث : أنها صفة ل «منذرون» إمّا على المبالغة ، وإمّا على الحذف ، أي : منذرون ذوو (٩) ذكرى (١٠) ، أو على وقوع المصدر وقوع اسم الفاعل. أي : منذرون مذكّرون. وتقدم تقريره.
الرابع : أنها في محل نصب على الحال ، أي : مذكّرين ، أو ذوي ذكرى ، أو جعلوا نفس الذكرى مبالغة (١١).
الخامس : أنها منصوبة على المصدر المؤكد ، وفي العامل فيها حينئذ وجهان :
أحدهما : لفظ «منذرون» لأنه (١٢) من معناها ، فهما ك (قعدت جلوسا) (١٣).
والثاني : أنه محذوف من لفظها ، أي : يذكّرون ذكرى (١٤) ، وذلك المحذوف صفة ل «منذرون».
قوله : (وَما كُنَّا ظالِمِينَ) في تعذيبهم ، حيث قدمنا الحجة عليهم ، وأعذرنا إليهم ، أو : ما كنا ظالمين فنهلك قوما غير ظالمين (١٥).
__________________
(١) الكشاف ٣ / ١٢٨.
(٢) يكون : سقط من ب.
(٣) له : سقط من ب.
(٤) وذلك أن الكسائي جوز تأخير معمول ما قبل (إلا) عنها مرفوعا كان ، أو منصوبا ، أو مجرورا ، نحو ما ضرب إلا زيد عمرا وما مر إلا زيد بعمرو. ووافقه الأخفش في الظرف المجرور ، والحال ، نحو ما جلس إلا زيد عندك وما مر إلا عمرو بك ، وما جاء إلا زيد راكبا. قال أبو حيان : وهو المختار ، لأنه يتسامح في المذكورات ما لا يتسامح في غيرها. الهمع ١ / ٢٣٠ ـ ٢٣١.
(٥) البحر المحيط ٧ / ٤٥.
(٦) الدر المصون ٥ / ١٧٢.
(٧) يعني الأوجه في (ذكرى).
(٨) انظر الكشاف ٣ / ١٢٨.
(٩) في ب : و. وهو تحريف.
(١٠) انظر الكشاف ٣ / ١٢٨.
(١١) انظر الكشاف ٣ / ١٢٨ ، البيان ٢ / ٢١٧ ، ونسبه ابن الأنباري للكسائي. البحر المحيط ٧ / ٤٤.
(١٢) في ب : لأن.
(١٣) انظر الكشاف ٣ / ١٢٨ ، البحر المحيط ٧ / ٤٤.
(١٤) انظر معاني القرآن وإعرابه للزجاج ٤ / ١٠٢ ، البيان ٢ / ٢١٧.
(١٥) انظر الكشاف ٣ / ١٢٨ ، الفخر الرازي ٢٤ / ١٧١.