مع عدم الريبة والتلذذ [١].
______________________________________________________
والمناقشة في جميع ذلك ممكنة ، فإن عموم ما دل على لزوم غض البصر مقيد بما سبق ، مع أن غض البصر أعم من ترك النظر. وقوله تعالى : ( وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ ) قد استثني منه ما ظهر منها. وحمله على زينة الثياب ـ كما حكاه في كشف اللثام عن ابن مسعود ـ مع أنه خلاف الظاهر في نفسه ، مخالف لقرينة السياق مع قوله تعالى ( وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ ). وأما إطباق الفقهاء المحكي عن كنز العرفان : فلا مجال للاعتماد عليه مع وضوح الخلاف وشهرته ، وأما السيرة : فأعم من الوجوب. وأما ما في الروايات من أن النظر سهم من سهام إبليس : فالظاهر أنه بملاحظة ما يترتب على النظر من الأثر المحرم ، فان ذلك هو المناسب للتعبير بالسهم ، فيكون مختصاً بالنظر بشهوة. وأظهر منه في ذلك هو المناسب للتعبير بالسهم ، فيكون مختصاً بالنظر بشهوة. وأظهر منه في ذلك ما ورد من أن زنا العين النظر ، وأنه رب نظرة أوجبت حسرة. على أن الأخير إيجاب جزئي ، وهو لا يدل على عموم التحريم. وأما الأمر بالتنقب في المكاتبة : فلا يظهر أنه للوجوب التعبدي ، ومن الجائز أن يكون للمحافظة على خفارة المرأة ومنع ما يوجب الاستحياء. مع أنها تدل على جواز النظر الى بعض الوجه. وأما رواية الخثعمية : فتدل على الجواز ، كما في المسالك ، لأنه (ص) لم ينههما عن النظر ، وإنما صرف وجه الفضل عن المرأة ، معللا بخوف دخول الشيطان ، الناشئ من التلذذ ، الحاصل من وقوع النظر المؤدي إلى الافتتان. هذا مضافاً الى ما يظهر من الرواية من أن المرأة كانت مكشوفة الوجه ، وأن النبي (ص) كان ينظر إليها ، فرآها تنظر الى الفضل. وهناك وجوه أخرى للجواز ، والتحريم ، لا يهم ذكرها لوضوح المناقشة فيها.
[١] قد عرفت أن الريبة مفسرة في كلامهم بأحد أمور : خوف الوقوع في الحرام ، وما يخطر في البال عند النظر من الميل الى الوقوع