______________________________________________________
هذا وكأن الوجه في جزئية القبول ما طفحت به عباراتهم من كون الوصية التمليكية من العقود مما يظهر منه أنه إجماعي. ويشكل بما ذكروه من اعتبار التوالي بين الإيجاب والقبول ، وأن موت الموجب قبل القبول مانع من تألف العقد فكيف يصدق العقد في المقام؟ ويظهر من شيخنا الأعظم : أن الوجه فيه أصالة عدم انتقال المال مع عدم القبول. وفيه ـ مع أنه لا يقتضي الجزئية بل ما هو أعم منها ومن الشرطية ـ : أنه لا مجال للأصل مع الدليل ، وهو إطلاقات نفوذ الوصية وصحتها. ودعوى : أنها مسوقة لبيان حكم الوصية بعد إحراز ما يعتبر فيها من شرائط الموصي والموصى له والموصى به. فيها : أن ذلك خلاف إطلاقها. ولا سيما بعد قوله تعالى : ( فَمَنْ خافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفاً .. ) (١) الظاهر في استثناء ذلك من عموم حرمة التبديل ونفوذ الوصية ، فإن الاستثناء دليل العموم ، نظير قوله (ع) : « الصلح جائز بين المسلمين إلا ما حلل حراماً أو حرم حلالا » (٢) فان الاستثناء فيه دليل على عموم القابلية. فلاحظ.
ومن ذلك أيضا يظهر ضعف ما عن غير واحد من أن الوجه فيه أنه خلاف قاعدة السلطنة على النفس. إذ فيه أيضاً أنه لا يقتضي الجزئية بالخصوص وأن عموم نفوذ الوصية مقدم على القاعدة ، وإن كان بينهما عموم من وجه ، والأصل في مورد المعارضة بينهما هو التساقط والرجوع إلى دليل آخر ، لاختصاص ذلك بما إذا لم يظهر لأحد الدليلين خصوصية تستدعي التقديم كما في المقام ، ومن ذلك يظهر لك دليل شرطية القبول وضعفه أيضاً. فإذاً القول بعدم جزئية القبول أو شرطيته أقوى.
__________________
(١) البقرة : ١٨٢.
(٢) مستدرك الوسائل باب : ٣ من أبواب الصلح حديث : ١ ، الوسائل باب : ٣ من أبواب الصلح حديث : ٢. مع اختلاف يسير في متن الحديث.