______________________________________________________
والجدة التي تصحح اعتبار المالكية لا تكون للمساجد ولا للثغور ، وكذلك الحيوان لا يقبل مثل هذه المتبوعية ، فاللام في قولنا : السرج للدابة ليست للملك مهما أراد مالكهما ذلك ، لعدم أهلية الدابة لذلك ، فالميت أولى من الحيوان والجماد في ذلك ، لأنه معدم لا يقوى على هذه المالكية ، بل هو بعيد عنها جداً.
ولا بد حينئذ من البناء في المقام على انتقال المال من الموصي إلى ورثة الموصي له. ومجرد كون الميت ينتفع بالمال ـ كما ثبت ذلك في الشرع المقدس ـ لا يقتضي أنه له قابلية المالكية لأنه أعم ، فإن الحيوان ينتفع بالعلف ولا يقوى على المالكية. وبالجملة : المالكية إضافة خاصة لا تقوم إلا بحياة خاصة ، فالميت مهما كان له من أهلية التنعم والانتفاع وخلافهما لا يقوى على المالكية. ولعل النفوس المجردة ـ مثل الجن والملك ـ كذلك مهما كان لها من أعمال جبارة عن شعور خاص ، فان العرف لا يستطيع الحكم عليها بالمالكية.
فان قلت : إذا لم تدخل الوصية في ملك الموصى له ، وكان الانتقال من الموصى إلى الورثة بلا واسطة الموصى له تعين أن تكون القسمة بين الورثة بالسوية لا قسمة الميراث ، وهو خلاف ظاهر النص والفتوى. قلت : إن تمَّ ما ذكره المشهور من انتقال حق القبول إلى الورثة في المقام كان انقسام الحق انقسام الميراث ، ويكون بتبع موضوع الحق ، لأن الحق لا يقبل الانقسام إلا بلحاظ موضوعه ، كما في سائر موارد إرث الحق ، مثل حق الشفعة ، وحق الخيار ، وحق الرهانة ، وغيرها ، فان انقسام الحق فيها إنما يكون بلحاظ انقسام موضوعه. وان لم يتم ما ذكر المشهور تعين أن يكون ملك الورثة في المقام بحكم الميراث من هذه الجهة ، لا أنه ميراث حقيقي. وكذلك الحكم في دية المقتول ، فإنها بحكم الملك للميت توفى منها ديونه وتخرج منها وصاياه ، كما في النص ، لا أنها ملك له حقيقة ، كيف والدية عوض الحياة ،