______________________________________________________
لا بأنها وصية عهدية. كيف؟! والمعروف بينهم أيضاً أن اللام في قوله تعالى ( إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ. ) (١) للملك.
وثانياً : من جهة أن الوصية العهدية تختص بالإيصاء والوصية هنا ليست كذلك ، بل إن بنينا على امتناع ملك العناوين والجهات تعين أن تكون الوصية المذكورة قسماً ثالثاً ، لا تمليكية ولا عهدية ، بل هي تخصيصية تفيد إنشاء التخصيص بالعنوان والجهة. فإن كان المراد من الوصية التمليكية ما يعم ذلك جاء الاشكال السابق ، وإن كان المراد ما يقابل ذلك كان اللازم تقسيم الوصية إلى ثلاثة أقسام : تمليكية وعهدية وتخصيصة ، لا تقسيمها إلى القسمين الأولين فقط.
والتحقيق : ما ذكر في الجواهر من امتناع تمليك النوع والجهات ، لأن الملكية تستوجب نوعاً من التابعية والمتبوعية ، وذلك لا يتحقق في النوع ولا في الجهة ، لأن المتبوعية لا يصح اعتبارها إلا مع الهيمنة للمتبوع على التابع ، والنوع والجهة لا تصلح لذلك. كما أن التحقيق أن الوصية بمال للفقراء أو المسجد ليست من قبيل الوصية العهدية ، بل هي من سنخ الوصية التمليكية ، لكن لا تمليك فيها ، بل اختصاص وتخصيص.
وعلى هذا فان كان الوجه في اعتبار القبول في الوصية التمليكية هو الإجماع على أنها من العقود فهو غير شامل لما نحن فيه. وإن كان هو أصالة عدم الانتقال بدون القبول فهو مشترك بينها وبين ما نحن فيه. وإن كان قاعدة السلطنة على النفس الجارية في حق الموصى له فهو غير آتٍ هنا ، إذ التخصيصية ليس فيها تصرف في المخصص له ، وإنما هو تصرف في المال فقط ، فاذا ملكت زيداً شيئاً فقد جعلته مالكاً ومهيمناً ، وإذا خصصت مالك به فلم تكن تصرفت في زيد ، وإنما تصرفت في مالك.
__________________
(١) التوبة : ٦٠.