(وملخص القول) فى هذا المقام انه اذا ورد على احد امر من الامور الشرعية سواء كان متعلقا بالعبادات او بالمعاملات او بالمناكحات او بغيرها فاما ان يعلم بنور بصيرته رشده فيتبع او غيّه فيجتنب او لا يعلم شيئا منها واشتبه عليه الامران مثلا لا يعلم ان هذا الفعل الخاص مما احلّ له الشارع او حرّمه عليه فان الوقوف عليه وعدم الاخذ به من حيث الحكم ومن حيث العمل متعيّن حتى ينكشف له الحال بالرجوع الى حديث اهل الذكر عليهمالسلام ولو بواسطة :
(وتركك حديثا لم تروه) الفعل اما مجرد معلوم يقال روى الحديث رواية اى حمله يعنى اخذه من مأخذه وضبطه متنا وسندا وحفظه كلمة وحروفا من غير تبديل وتغيير مخل بالمعنى المقصود او مزيد معلوم من باب التفعيل او الافعال يقال روّيته الحديث تروية وأرويته اى حملته على روايته او مزيد مجهول من البابين ومنه روّينا فى الاخبار.
(خير من روايتك حديثا لم تحصه) كلمة لم مع مدخوله فى الموضعين فى محل النصب على انه حال من ضمير الخطاب او صفة لحديثا والاحصاء العدّ والحفظ تقول احصيت الشىء اذا عدّدته وحفظته وكان استعماله فى الحفظ باعتبار انه لازم للعدّ اذ عدّ الشىء يستلزم العلم بواحد واحد معدود وحفظه على ابلغ الوجوه فمعنى احصاء الحديث علمه بجميع احواله وحفظه من جميع جهاته التى ذكرت فى محله.
(والمعنى) ان تركك رواية حديث لم تحمله على الوجه المذكور خير من روايتك اياه لانك ان رويته هلكت واهلكت الناس بمتابعتهم لك فيما ليس لك به علم وان تركت روايته سلمت وسلم الناس من الوقوع فى الضلال.
(فان قلت) لا خير فى ترك رواية الحديث المحفوظ فما الوجه لاثباته له قلت الوجه هو المبالغة فى نفى الخير عن رواية الحديث الغير المحفوظ والزجر عن نقله ونشره حيث جعل ما ليس خيرا خيرا بالنسبة اليه ولعل سبب التفاوت بينهما