(قلت) ان اريد من الادلة ما يوجب العلم بالحكم الواقعى الاولى فكل مراجع فى الفقه يعلم ان ذلك غير ميسر لان الاخبار لو فرض قطعيا لكن دلالتها ظنية وان اريد منها ما يعم الدليل الظنى المعتبر من الشارع فمراجعتها لا توجب اليقين بالبراءة من ذلك التكليف المعلوم اجمالا اذ ليس معنى اعتبار الدليل الظنى الا وجوب الاخذ بمضمونه فان كان تحريما صار ذلك كانه احد المحرمات الواقعية وان كان تحليلا كان اللازم منه عدم العقاب على فعله وان كان فى الواقع من المحرمات وهذا المعنى لا يوجب انحصار المحرمات الواقعية فى مضامين تلك الادلة حتى يحصل العلم بالبراءة بموافقتها بل ولا يحصل الظن بالبراءة عن جميع المحرمات المعلومة اجمالا وليس الظن التفصيلى بحرمة جملة من الافعال كالعلم التفصيلى بها لان العلم التفصيلى بنفسه مناف لذلك العلم الاجمالى والظن غير مناف له لا بنفسه ولا بملاحظة اعتباره شرعا على الوجه المذكور نعم لو اعتبر الشارع هذه الادلة بحيث انقلب التكليف على العمل بمؤداها بحيث يكون هو المكلف به كان ما عدى ما تضمنته الادلة من محتملات التحريم خارجا عن المكلف به فلا يجب الاحتياط فيها وبالجملة فما نحن فيه بمنزلة قطيع غنم يعلم اجمالا بوجود محرمات فيها ثم قامت البينة على تحريم جملة منها وتحليل جملة وبقى الشك فى جملة ثالثة لان مجرد قيام البينة على تحريم البعض لا يوجب العلم ولا الظن بالبراءة من جميع المحرمات نعم لو اعتبر الشارع البينة فى المقام بمعنى انه أمر بتشخيص المحرمات المعلومة وجودا وعدما بهذا الطريق رجع التكليف الى وجوب اجتناب ما قام عليه البينة لا الحرام الواقعى.
(حاصل ما افاده قدسسره) فى الجواب عن الاشكال المذكور هو المنع من حصول الاطلاع التفصيلى العلمى بالمحرمات الاجمالية بعد الرجوع الى الادلة وان حصل العلم ببعضها لانه ان كان المراد من الادلة الشرعية ما يوجب العلم بالحكم الواقعى الاولى فكل مراجع فى الفقه يعلم ان ذلك غير ميسّر لان الاخبار على