يذكرها مؤرّخ ولا مؤلّف ، ومسخوا بعض الأحاديث الصحيحة وزادوا ونقصوا فيها ؛ لِما يرونه من تأثيرها في نفوس المستمعين الجاهلين بصحّة الأخبار وسُقمها حتّى حُفِظَتْ على الألسن ، واُودعت في المجاميع ، واشتهرت بين النّاس ، ولا رادع ، وهي من الأكاذيب التي تغضبهم (ع) وتفتح باب القدح للقادح ؛ فإنّهم لا يرضون بالكذب الذي لا يرضي الله ورسوله (ص) وقد قالوا لشيعتهم : «كونوا زيناً لنا ، ولا تكونوا شيناً علينا». وقد اكتسبوا ـ هم ومَن قَبِلها منهم وأقرّهم عليها ـ الإثم المبين ؛ فإنّ الله لا يُطاع من حيث يُعصى ، ولا يتقبّل الله إلاّ من المتّقين. والكذب من كبائر الذنوب الموبقة لا سيّما إنْ كان على النبي (ص) وأهل بيته الطاهرين.
كما أنّ ما يفعله جملة من النّاس ؛ من جرح أنفسهم بالسيوف ، أو اللطم المؤدّي إلى إيذاء البدن ، إنّما هو من تسويلات الشيطان وتزيينه سوء الأعمال ، فذلك ممّا يغضب الحسين (ع) ويبّعد عنه لا ممّا يقرّب إليه ؛ فهو (ع) قد قُتل في سبيل الإحياء لدين جدّه (ص) ، وهذه الأعمال ممّا نهى عنها دين جدّه (ص) ، فكيف يرضى بها وتكون مقربة إلى الله تعالى ، والله تعالى لا يُطاع من حيث يُعصى ، كما ذكرنا آنفاً؟! وانتحال بعض الجهّال عذراً لذلك بما ينقلونه من أنّ إحدى الطاهرات نطحت جبينها بمُقدّم المحمل حتّى رُئي الدم يجري من تحت قناعها ؛ هو من هذا البحر وعلى هذه القافية اللَذين مرّت الإشارة إليهما. وهكذا ما يجري من التمثيل والتشبيه للوقعة ؛ فإنّه في نفسه مشتمل على كثير من المحرّمات ، وموجب لهتك الحرمة ، وفتح باب القدح للذين يحاولونه بما استطاعوا ، فيكون منهيّاً عنه بقوله (ع) : «ولا تكونوا شيناً علينا». نعم ، التمثيل الخالي عن المحرّمات والشائنات لا بأس به ، ولكن أين هو؟
فعلى مَن يريد التقرّب إلى الله تعالى ونبيّه (ص) وأوليائه بالبكاء والحزن لمصاب الحسين (ع) ، أنْ لا يتعدّى ما رسمه الامام الرضا نقلاً عن أبيه عليهماالسلام ممّا مرّ ، وإلاّ كان من الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعا.
مقتل سيّد الشهداء أبي عبد الله الحسين بن علي عليهماالسلام
ذكر مولده ومقتله ، وقدر عمره ومدّة خلافته ، وكنيته ولقبه ونقش خاتمه ، وعدد أولاده وصفته ، ونظم الشعر في رثائه ، وجملة من مناقبه ، وما جرى له بعد موت معاوية ، وتفصيل شهادته ، وما جرى بعد قتله إلى رجوع أهل بيته إلى المدينة وما يتعلّق بذلك. وفيه مجالس :