محمّد (ص) فيسقيك بكأسه الأوفى شربةً لا تظمأ بعدها أبداً». فجعل يكرّ كرّة بعد كرّة والأعداء يتّقون قتله ، فنظر إليه مرّة بن منقذ العبدي فقال : عليّ آثام العرب إنْ هو فعل مثل ما أراه يفعل ومرَّ بي إنْ لم أثكله اُمّه. فمرّ يشدّ على النّاس كما كان يفعل ، فاعترضه مرّة بن منقذ وطعنه بالرمح ، وقيل بل رماه بسهم فصرعه ، فنادى : يا أبتاه عليك السّلام ، هذا جدّي يُقرِئك السّلام ويقول لك : «عجّل القدوم علينا». واعتوره النّاس فقطّعوه بأسيافهم ، فجاء الحسين (ع) حتّى وقف عليه وقال : «قتل الله قوماً قتلوك يا بُنَي ، ما أجرأهم على الرّحمن وعلى انتهاك حُرمة الرّسول! على الدّنيا بعدك العفا». وخرجت زينب بنت علي عليهماالسلام وهي تنادي : يا حبيباه! ويابن أخاه! وجاءت فأكبّت عليه ، فجاء الحسين (ع) فأخذ بيدها وردّها إلى الفسطاط ، وأقبل بفتيانه وقال : «احملوا أخاكم». فحملوه من مصرعه حتّى وضعوه بين يدَي الفسطاط الذي كانوا يقاتلون أمامه.
يا كوكباً مَا كان أقصرَ عُمرَهُ |
|
وكذا تكونُ كواكِبُ الأسْحارِ |
جاورتُ أعْدائي وجاوَر ربَّهُ |
|
شتّان بينَ جِوارِهِ وجِواري |