المجلس الثالث والستّون
لما رأى العبّاس بن علي (ع) وحدة أخيه الحسين (ع) بعد قتل أصحابه وجملة من أهل بيته ، قال لإخوته الثلاثة من اُمّه وأبيه ؛ عبد الله وجعفر وعثمان : تقدّموا لأحتسبكم عند الله تعالى. فتقدّموا حتّى قُتِلوا ، فجاء إلى أخيه الحسين (ع) واستأذن في القتال فقال له : «أنت حامل لوائي». فقال له : ضاق صدري وسئمت الحياة. فقال له الحسين (ع) : «إنْ عزمت فاستسق لنا ماءً». فأخذ قربته وحمل على القوم حتّى ملأ القربة ، واغترف من الماء غرفة ثمّ ذكر عطش أخيه الحسين (ع) فرمى بها ، وقال :
يانفسُ منْ بعدِ الحُسينِ هُوني |
|
وبعدَهُ لا كُنتِ أنْ تكوني |
هذا حُسينٌ واردُ |
|
المَنونِ وتشرَبينَ باردَ المَعينِ |
ثم عاد فأخذوا عليه الطريق ، فجعل يضربهم بسيفه وهو يقول :
لا أرهبُ الموتَ إذا الموتُ رَقَى |
|
حتّى اُوارَى في المصاليت لقَى |
إنّي أنا العبّاسُ أغدو بالسّقَا |
|
ولا أهابُ الموتَ يومَ المُلتقَى |
ففرقهم ، فضربه حكيم بن الطفيل على يمينه فبراها ، فأخذ اللواء بشماله وهو يقول :
واللهِ إنْ قَطعتمُوا يَميني |
|
إنّي اُحامي أبداً عنْ دِيني |
فضربه زيد بن ورقاء على شماله فبراها ، فضمّ اللّواء إلى صدره وهو يقول :
ألا ترَونَ معشرَ الفُجّارِ |
|
قدْ قطَعوا ببغيهمْ يساري |