المجلس الثالث والسّبعون
لمّا كان يوم عاشوراء وبعث ابن سعد بالرؤوس إلى الكوفة ، قام فصلّى على القتلى من أصحابه ودفنهم ، وترك الحسين (ع) وأصحابه بغير دفن ، منبوذين بالعراء تسفي عليهم ريح الصبا.
إنْ يبقَ ملقىً بلا دفنٍ فإنّ لهُ |
|
قبراً باحشاء مَن والاهُ محفورَا |
فبقيت جثّة الحسين (ع) وجثث أصحابه بلا دفن ثلاثة أيّام.
تهابُهُ الوحشُ أنْ تدنُو لمصرعِهِ |
|
وقد أقام ثلاثاً غيرَ مقبورِ |
ما إنْ بقيتَ منَ الهوانِ على الثَّرى |
|
ملقىً ثلاثاً في رُبىً ووهادِ |
لكنْ لكي تَقضي عليكَ صلاتَها |
|
زُمرُ الملائكِ فوق سبعِ شدادِ |
فلمّا رحل ابن سعد عن كربلاء ، خرج قوم من بني أسد ـ كانوا نزولاً بالغاضريّة ـ إلى الحسين (ع) وأصحابه فصلّوا على تلك الجثث الطواهر ودفنوها ؛ فدفنوا الحسين (ع) حيث قبره الآن ، ودفنوا ابنه عليّاً الأكبر عند رجليه ، وحفروا للشهداء من أهل بيته ولأصحابه الذين صُرعوا حوله ممّا يلي رجلَي الحسين (ع) ، فجمعوهم فدفنوهم جميعاً في حفيرة واحدة وسووا عليهم التراب ؛ ولذلك يمتنع أهل المعرفة من المرور من جهة رجلَي الحسين (ع) ؛ خوفاً من المشي فوق قبورهم الشريفة. وقال : إنّ أقربهم دفناً إلى الحسين (ع) ولده علي الأكبر ، ودفنوا العبّاس بن علي عليهماالسلام في موضعه الذي قُتل فيه على المسنّاة بطريق الغاضريّة حيث قبره الآن ، ودفنوا بقيّة الشّهداء حول الحسين (ع) في الحائر ، ودفنت بنو أسد حبيب بن مظاهر الأسدي عند رأس الحسين (ع) حيث قبره