والشنآن والإحن والأضغان؟! ثمّ تقول غير متأثّم ولا مستعظم :
لأهلُّوا واستهلُّوا فَرحاً |
|
ثُمّ قالوا يا يزيدُ لا تشَلْ |
منحنياً على ثنايا أبي عبد الله سيّد شباب أهل الجنّة تنكتها بمخصرتك! وكيف لا تقول ذلك وقد نكأت القرحة واستأصلت الشأفة بإراقتك دماء ذرّيّة محمّد (ص) ، ونجوم الأرض من آل عبد المطلب؟! وتهتف بأشياخك زعمت أنّك تناديهم! فلتردنّ وشيكاً موردَهم ، ولتودنّ أنّك شللت وبكمت ولم تكن قلت ما قلت وفعلت ما فعلت. اللهمَّ ، خُذ لنا بحقّنا وانتقم ممَّن ظلمنا ، وأحلل غضبك بمَن سفك دماءنا وقتل حماتنا. فوالله ، ما فريتَ إلاّ جلدك ولا حززت إلاّ لحمك ، ولتردنّ على رسول الله (ص) بما تحمّلت من سفك دماء ذرّيّته ، وانتهكت من حرمته في عترته ولُحمته ، (ولاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ). وحسبُك بالله حاكماً وبمحمّد (ص) خصيماً ، وسيعلم مَن سوّل لك ومكّنك من رقاب المسلمين أن بئس للظالمين بدلاً وأنّكم شرّ مكاناً وأضعف جنداً! ولئن جرّت عليّ الدواهي مخاطبتك أنّي لأستصغر قدرك ، وأستعظم تقريعك ، وأستكبر توبيخك ، لكن العيون عَبرى والصدور حَرّى. ألا فالعجب كلّ العجب لقتل حزب الله النّجباء بحزب الشيطان الطلقاء! فهذه الأيدي تنظف من دمائنا ، والأفواه تتحلب من لحومنا ، وتلك الجثث الطواهر الزواكي تنتابها العواسل ، وتعقرها اُمّهات الفراعل (١) ، ولئن اتخذتنا مغنماً لتجدنّنا وشيكاً مغرماً حين لا تجد إلاّ ما قدّمت يداك ، وما ربّك بظلاّم للعبيد ، فإلى الله المشتكى وعليه المعوّل. فكد كيدك واسعَ سعيك ، وناصب جهدك ، فوالله ، لا تمحو ذكرنا ولا تُميت وحينا ، ولا تدرك أمدنا ولا تدحض عنك عارها ، وهل رأيك إلاّ فَنَد ، وأيّامك إلاّ عدد ، وجمعك إلاّ بدد ، يوم يُنادي المنادي : ألا لعنة الله على الظالمين. فالحمد لله الذي ختم لأولنا بالسعادة والمغفرة ، ولآخرنا بالشهادة والرحمة ، ونسأل الله أنْ يكمل لهم الثواب ويوجب لهم المزيد ، ويحسن علينا الخلافة إنّه رحيم ودود ، وحسبنا الله ونعم الوكيل. فقال يزيد مجيباً لها :
يا صيحةً تُحمَدُ منْ صَوائحِ |
|
ما أهونَ النَّوحِ على النَّوائحِ |
فقُلْ لسرايا شَيبةِ الحَمدِ ما لكمْ |
|
قعدتُمْ وقدْ ساروا بنسوتِكُمْ أسرَى |
وأعظمُ ما يُشجي الغيورَ دخولُها |
|
إلى مجلسٍ ما بارحَ اللهوَ والخمْرا |
يُقارضُها فيهِ يزيدُ مَسبَّةً |
|
ويَصرفُ عنها وجهَهُ مُعرضاً كِبرا |
______________________
(١) العواسل ، جمع عاسل ، يقال عسل الذئب : إذا اضطرب في عدوه وهزّ رأسه. والفرعل كـ (قنفذ) : وَلد الضبع ، جمعه فراعل. واُمّهات الفراعل : الضباع. ـ المؤلّف ـ