الجودي في اليوم السّابع ، وأغرق الله كُلّ حيٍّ غير نوح وأصحاب السّفينة ؛ ولذلك سُمّي نوح (ع) آدم الثّاني. ولولا أنْ رفع الله أنواع العذاب في الدّنيا عن الاُمّة المحمّديّة كرامة لرسوله محمّد ، لما كانت اُمّة نوح (ع) أحقّ بالعذاب منها بما فعلته بعترة رسول الله ؛ من تسليطه عليها يزيد شارب الخمور ، والمُعلن بالُكفر والفجور ، واللاعب بالقرود والفهود ، فأخاف ريحانة رسول الله وأحد سِبطيه حتّى اضطرّه إلى الخروج من حرم رسول الله إلى حرم الله خائفاً يترقّب ، ومن حرم الله ـ الذي يأمن فيه كُلّ خائفٍ حتّى الطّير والوحش ـ وأنزله الدّعي بن الدّعي عُبيد الله بن زياد بأمر يزيد مع عياله وأطفاله بالعراء في غير حصن وعلى غير ماء ، ومنعه من ماء الفُرات المُباح ، [الذي] يشربه البر والفاجر ، وتتمرّغ فيه خنازير السّواد وكلابه ، وآل بيت رسول الله عُطاشى ظمايا لا يُسمح لهم منه بقطرة واحدة ، وسبط رسول الله وريحانته يتلظّى عطشاً ، ويطلب شربة من الماء فيُجاب : يا حُسين ، أما تنظر إلى ماء الفُرات كأنّه بطون الحيّات؟ والله ، لا تذوق منه قطرة حتّى تذوق الموت عطشاً! هذا واُمّة جدّه رسول الله ما بين خاذل ومُحارب له ومساعد عليه ، غير فئة قليلة لا تتجاوز النّيف والسّبعين إنساناً ، ولم يكفهم ذلك حتّى داسوا جسده الشّريف بحوافر الخيل ، وداروا برأسه ورؤوس أصحابه في البُلدان ، وحملوا نساءه وأطفاله على أقتاب الجِمال كالسّبي المجلوب! أفلا تستحق هذه الاُمّة بفعلها هذا أنْ ينزل بها من العذاب أكثر ممّا نزل بقوم نوح؟ بلى والله.
فلأيهمْ تنعى الملائكُ مَن لهُ |
|
عقدُ الآله ولاءهم وولاءهَا |
ألآدم تنعى وأينَ خليفةُ الرّ |
|
حمنِ آدمُ كي يُقيم عزاءهَا |
أم هل إلى نوحٍ وأين نبيهُ |
|
نوحٌ فيسعد نوحها وبكاءهَا |
ولقد ثوى بثراك والسّبب الذي |
|
عصم السّفينةَ مغرقاً أعداءهَا |