وهو نبيّ ابن نبي ، قد بكى على فراق ولده يوسف وهو حيّ في دار الدّنيا حتّى ابيضّت عيناه وذهب بصره ، وحتّى قيل له : (تَاللّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتّى تَكُونَ حَرَضاً أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ). ساعد الله قلب أبي عبد الله الحسين (ع) الذي نظر إلى ولده وقرّة عينه علي الأكبر ، شبيه رسول الله (ص) في خلقه وخُلقه ، مُقطّعاً بالسّيوف إرباً إرباً. وكان علي بن الحسين زين العابدين (ع) شديد الحزن والبُكاء على مصيبة أبيه الحسين (ع) ، فقال له بعض مواليه : يا سيّدي ، أما آن لحزنك أنْ ينقضي ولبكائك أنْ يقلّ؟ فقال له : «ويحك ، إنّ يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم كان نبيّاً ابن نبيّ ، له أثنا عشر إبناً ، فغيّب الله واحداً منهم فشاب رأسه من الحزن واحدودب ظهره من الغمّ وذهب بصره من البُكاء ، وابنه حيٌّ في دار الدّنيا. وأنا رأيت أبي وأخي وسبعة عشر من أهل بيتي صرعى مقتولين ، فكيف ينقضي حزني ويقل بكائي؟!».
هذي المصائب لا ما كان من قدمٍ |
|
لآل يعقوبَ من حزنٍ ومن كربِ |
أنّى يضاهي ابنَ طه أو يُماثله |
|
في الحزن يعقوبُ في نسلٍ وفي عقبِ |