كما تقول أيّها الملك فإنّا لا نتعرّض لهم. أقول : ليتها كانت القاضية ؛ فإنّ عمراً هو الذي دبّر حرب صفّين وأفسد الأمر على أمير المؤمنين (ع) ، وهو الذي أشار برفع المصاحف حيلةً ومكراً ، وكان يوم رفع المصاحف على رؤوس الرّماح يوماً عظيماً على أمير المؤمنين (ع) ، وأعظم منه على أمير المؤمنين يوم رفع رأس ولده الحسين (ع) ورؤوس أصحابه على رؤوس الرّماح بكربلاء ، تُهدى من كربلاء إلى الكوفة ، ومن الكوفة إلى الشّام. يقول سهل بن سعد : بينا أنا واقف بباب السّاعات إذا بالرّايات يتلو بعضها بعضاً ، وإذا نحن بفارس بيده لواء منزوع السّنان ، عليه رأس من أشبه النّاس وجهاً برسول الله ، فإذا من ورائه نسوة على جمال بغير وطاء ، فدنوت من أولهنّ فقُلت : يا جارية ، مَن أنت؟ فقالت : أنا سُكينة بنت الحسين (ع). فقُلت لها : ألك حاجة إليّ ، فأنا سهل بن سعد ، ممّن رأى جدك وسمعت حديثه؟ قالت : يا سهل ، قُل لصاحب هذا الرّأس أنْ يُقدّم الرّأس أمامنا حتّى يشتغل النّاس بالنّظر إليه ، ولا ينظروا إلى حرم رسول الله. قال سهل : فدنوت من صاحب الرّأس فقلت له : هل لك أنْ تقضي حاجتي وتأخذ منّي أربعمئة دينار؟ قال : ما هي؟ قُلت : تُقدّم الرّأس أمام الحرم. ففعل ذلك ودفعتُ إليه ما وعدته.
جاؤوا برأسك يابنَ بنت محمّدٍ |
|
مُترمّلا ً بدمائهِ ترميلا |
وكأنّما بك يابن بنت محمّدٍ |
|
قتلوا جهاراً عامدين رسولا |
قتلوك عطشاناً ولمّا يرقبوا |
|
في قتلك التأويلَ والتّنزيلا |
ويكبّرون بأنْ قُتلت وإنّما |
|
قَتلوا بك التّكبيرَ والتّهليلا |