المجلس العشرون بعد المئة
لمّا قتل علي (ع) عمرو بن عبد ود يوم الخندق ، أقبل نحو رسول الله ووجهه يتهلل ، فقال له عمر بن الخطاب : هلا سلبته درعه ، فإنّه ليس في العرب درع مثلها؟ فقال أمير المؤمنين : «إنّي استحييت أنْ أكشف سوأة ابن عمّي». قاتل الله أهل الكوفة فإنّهم لم يستحوا من الله ورسوله وأهل بيته يوم كربلاء ، فسلبوا الحسين (ع) درعه وثيابه ، وتركوه مجرّداً على وجه الصّعيد!
عريانُ يكسوه الصّعيدُ ملابساً |
|
أفديه مسلوبَ الرّداء مسربلا |
متوسّداً حرّ الصّعيد مجرّداً |
|
متوسّداً حرّ الصّعيد مجرّداً |
ولمّا نُعي عمرو بن عبد ود إلى اُخته ، قالت : مَن ذا الذي اجترأ عليه؟ فقالوا : علي بن أبي طالب. فقالت : لا رقأت دمعتي أنْ هرقتها عليه ؛ قتل الأبطال وبارز الأقران وكانت منيّته على يد كفو كريم من قومه ، ما سمعت بأفخر من هذا يابن عامر. ثُمّ أنشأت تقول :
لو كان قاتلَ عمرو غيرُ قاتلهِ |
|
لكنت أبكي عليه آخر الأبدِ |
لكنّ قاتله مَن لا يُعاب بهِ |
|
مَن كان يُدعى أبوه بيضةَ البلدِ |
من هاشمٍ في ذراها وهي صاعدةٌ |
|
إلى السّماء تميت النّاس بالحسدِ |
قومٌ أبى الله إلاّ أنْ يكون لهمْ |
|
كرامةُ الدّين والدّنيا بلا لددِ |
وقالتّ أيضاً في قتل أخيها وذكر علي بن أبي طالب (ع) :
أسدان في ضيق المجال تصاولا |
|
وكلاهما كفوٌ كريمٌ باسلُ |
فتخالسا مهجَ النّفوس كلاهما |
|
وسطَ المجال مخاتلٌ ومقاتلُ |