منه الدّم حتّى مات. فقتلوا بالمدينة وكانوا تسعمئة ، وكان منهم حيي بن أخطب ؛ فلمّا رأى أنّ أميرالمؤمنين (ع) قاتله قال : قتلة شريفة بيد شريف. ممّا يهوّن القتل على النّفس أنْ يكون القاتل رجلاً شريفاً ؛ فلذلك قال حيي بن أخطب : قتلة شريفة بيد شريف. وكما أنّه يزيد في المصيبة ، أنْ يكون القاتلَ للرجل العظيم الشّريف رجلٌ حقير خسيس ، كشمر بن ذي الجوشن الضّباني قاتل مولانا الحسين (ع).
وإنّي أرى الأيام شتّى صروفها |
|
وأعظمُها تحكيمُ عبدٍ بسيّدِ |
وقال حيي بن أخطب لعلي (ع) لمّا أراد قتله : لا تسلبني حلّتي. قال : «هي أهون عليَّ من ذلك». كان القتيل يحافظ كثيراً على أنْ لا تسلب منه ثيابه بعد قتله ؛ ولذلك لمّا أيقن مولانا الحسين (ع) بالقتل ، طلب ثوباً عتيقاً لا يرغب فيه أحد ، فخرّقه ولبسه تحت ثيابه ؛ لئلا يُجرّد منه. فلمّا قُتل (ع) ، جرّدوه منه وتركوه عرياناً على وجه الصّعيد.
لله ملقىً على الرّمضاء غصّ بهِ |
|
فمُّ الرّدى بعد أقدامٍ وتشميرِ |
تحنو عليه الرّبى ظلا ًوتسترُهُ |
|
عن النّواظير أذيالُ الأعاصيرِ |
تهابه الوحشُ أنْ تدنو لمصرعِهِ |
|
وقد أقام ثلاثاً غيرَ مقبورِ |