الشّريف ثلاث وثلاثون طعنة برمح وأربع وثلاثون ضربة بسيف. وقال الباقر (ع) : «وجُد بالحسين ثلاثمئة وبضعة وعشرون جراحة». وفي رواية ، ثلاثمئة وستون جراحة.
ومجرّحٍ ما غيرّت منه القنا |
|
حَسناً ولا اخلقن منه جديدا |
قد كان بدراً فاغتدى شمس الضّحى |
|
قد كان بدراً فاغتدى شمس الضّحى |
ثُمّ أخذ الرّاية زيد بن حارثة ، فقاتل حتّى شاط في رماح القوم ، فأخذ الرّاية عبد الله بن رواحة فتردد بعض التردد ، ثُمّ قال يُخاطب نفسه :
أقسمتُ يا نفسُ لتنزلنّهْ |
|
طائعةً أو لا لتُكرهنّهْ |
إنْ أجلب النّاس وشدّوا الرّنهْ |
|
مالي أركِ تكرهين الجنّهْ |
قد طالما قد كنت مطمئنهْ |
|
هل أنت إلاّ نطفةٌ في شنّهْ |
وقال أيضاً :
يا نفسُ إنْ لم تُقتلي تموتي |
|
هذا حمامُ الموت قد صُليتِ |
وما تمنيتِ فقد اُعطيتِ |
|
إنْ تفعلي فعلهما هُديتِ |
وإنْ تأخّرت فقد شُقيتِ
ثُمّ نزل عن فرسه ، وأتاه ابن عم له بعرق لحم فأكل منه ، ثُم سمع الحطمة في ناحية العسكر ، فقال لنفسه : وانت في الدّنيا! ثُمّ ألقاه وأخذ سيفه ، فقاتل حتّى قُتل. ثُمّ أخذ الرّاية خالد بن الوليد ورجع بالنّاس. قالت أسماء بنت عميس ، زوجة جعفر : أتاني رسول الله في اليوم الذي اُصيب فيه جعفر ، وقد فرغت على أشغالي وغسلت أولاد جعفر ودهنتهم ، فضمّهم وشمّهم وجعل يمسح على رؤوسهم ، وذرفت عيناه بالدّموع فبكى ، فقلت : يا رسول الله ، بلغك عن جعفر شيء؟ قال : «نعم ، قُتل اليوم». فصحت ، واجتمع إليّ النّساء ، فقال : «ألا اُبشّرك؟». قُلت : بلى بأبي أنت واُمّي! قال : «إنّ الله جعل لجعفر جناحين يطير بهما في الجنّة». وخرج رسول الله (ص) حتّى دخل على فاطمة عليهاالسلام وهي تقول : «واعمّاه!». فقال : «على مثل جعفر فلتبكي الباكية». ثُمّ قال : «اصنعوا لآل جعفر طعاماً فقد شغلوا عن أنفسهم اليوم». بأبي أنت واُمّي يا رسول الله! أخذتك الرّقة والشّفقة على يتامى ابن عمّك جعفر وبكيت لقتله ، وحقّ لك ذلك ؛ لما لجعفر من الفضل العظيم والمكانة عند الله تعالى ، فياليتك لا غبت عن يتامى ولدك الحسين (ع) شهيد كربلاء حين باتوا جياعى عطاشى ليلة الحادي عشر من المحرم بعد قتل