من بعدي كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، فإنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض». ثُمّ نادى (ص) بأعلى صوته : «ألست أولى بكم من أنفسكم؟». قالوا : اللهمّ بلى. فقال ـ وقد أخذ بعضدي علي (ع) فرفعهما حتّى بان بياض أبطيهما ـ : «فمَن كنت مولاه فهذا عليّ مولاه ، اللهمّ وال مَن والاه وعادِ مَن عاداه ، وانصر مَن نصره واخذل مَن خذله». ثُمّ نزل فصلّى ركعتين ، ثُمّ زالت الشّمس فصلّى بهم الظّهر وجلس في خيمته ، وأمر عليّاً (ع) أنْ يجلس في خيمة له بازائه ، ثُمّ أمر المُسلمين أنْ يدخلوا عليه فيهنئوه ويسلّموا عليه بامرة المؤمنين ، ثُمّ أمر أزواجه ونساء المسلمين بذلك. وقال له بعض الصّحابة : بخ بخ لك يا علي ، أصبحت مولاي ومولى كلّ مؤمن ومؤمنة. وانزل الله تعالى عليه في ذلك المكان : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً) وجاء حسان بن ثابت ـ شاعر النّبي (ص) ـ فاستأذنه أنْ يقول في ذلك شعراً فأذن له ، فوقف على مكان مرتفع ، وقال :
يُناديهمُ يومَ الغدير نبيُّهمْ |
|
بخمٍّ وأسمعْ بالنّبيِّ مُناديا |
فقال فمَن مولاكمُ ووليُّكمْ |
|
فقالوا ولمْ يُبدوا هناك التعاميا |
إلهُك مولانا وأنت وليُّنا |
|
ولنْ تجدنْ منّا لك اليوم عاصيا |
فقال له قُمْ يا عليُّ فإنّني |
|
رضيتُك من بعدي إماماً وهاديا |
فمَن كنت مولاه فهذا وليُّهُ |
|
فكونوا له أتباعَ صدقٍ مواليا |
هُناك دعا اللهمَّ والِ وليَّهُ |
|
وكُنْ للذي عادى عليّاً مُعاديا |
فهل درى رسول الله (ص) بما جرى على وصيّه وابن عمّه من بعده حتّى آل الأمر إلى أنْ تجرّأ عليه أشقى الأشقياء عبد الرّحمن بن ملجم المُرادي ، وضربه على رأسه في مُحرابه ، ضربة فلق بها هامته إلى موضع سجوده ، ضربة هدّمت أركان الدّين وفتّت في عضد المُسلمين ، وقرّحت قلوب المؤمنين ، وفرّحت قلوب المُنافقين؟!
يا لَقومٍ إذْ يقتلون عليّاً |
|
وهو للمَحل بينهمُ قتّالُ |
ويُسرّون بغضَهُ وهو لا تُقبلُ |
|
إلاّ بحبّه الأعمالُ |
ولَسبطينِ تابعيه فمسمو مٌ |
|
عليه ثرى البقيعِ يُهالُ |
وشهيدٍ بالطّفِّ أبكى السّماوا |
|
تِ وكادت له تزول الجبالُ |
يا غليلي له وقد حُرّمَ الما ءُ |
|
عليه وهو الشّراب الحلالُ |
قُطعتْ وُصلة النّبيِّ بأنْ تُقطعَ |
|
من آل بيته الأوصالُ |