إذا فقد الرّجل من إخوانه ثلاثة أيام سأل عنه ، فإنْ كان غائباً دعا له ، وإنْ كان شاهداً زاره ، وإنْ كان مريضاً عاده. روي : أنّ رسول الله (ص) كان لا يدع أحداً يمشي معه إذا كان راكباً حتّى يحمله معه ، فإنْ أبى قال : «تقدّم أمامي وأدركني في المكان الذي تُريد». عن علي بن أبي طالب (ع) قال : «ما صافح النّبي أحد قط فنزع يده من يده حتّى يكون هو الذي ينزع يده ، وما فاوضه أحد قط في حاجة أو حديث فانصرف حتّى يكون الرّجل هو الذي ينصرف ، وما سُئل شيئاً قط فقال لا وما ردّ سائلاً حاجة قط إلاّ بها أو بميسور من القول ، وما رؤي مُقدّماً رجله بين يدي جليس له قط». عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال : غزا رسول الله (ص) إحدى وعشرين غزوة ، شهدت منها تسع عشرة غزوة وغبت عن اثنتين ، فبينا أنّا معه في بعض غزواته ، إذ أعيا ناضحي (١) تحت الليل فبرك ، وكان رسول الله (ص) في اُخريات النّاس يزجي (٢) الضّعيف ويردفه ويدعو له ، فانتهى إليّ وأنا أقول : يا لهف اُمّه ، ما زال النّاضح بسوء! فقال : «مَن هذا؟». فقلت : أنا جابر ، بأبي أنت واُمّي يا رسول الله! قال : «وما شأنك؟». قلت : أعيا ناضحي. فقال : «أمعك عصا؟». قلت : نعم. فضربه ثُمّ بعثه ثُمّ أناخه ووطئ على ذراعه ، وقال : «اركب». فركبت وسايرته فجعل جملي يسبقه ، فاستغفر لي تلك الليلة خمساً وعشرين مرّة. عن جرير بن عبد الله قال : لمّا بُعث النّبي (ص) أتيته لاُبايعه ، فقال لي : «يا جرير ، لأيّ شيءٍ جئت؟». قُلت : لاُسلم على يديك يا رسول الله. فألقى لي كساءه ثُمّ أقبل على أصحابه ، فقال : «إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه». يا رسول الله ، أيّ رجل أكرم من ولدك زين العابدين وسيّد السّاجدين (ع)؟! ولمّا اُتي به إلى يزيد بن معاوية ، لم يكرمه بشيء ، إلاّ أنّه قال له : يابن الحسين ، أبوك قطع رحمي وجهل حقّي ونازعني سُلطاني ، فصنع الله به ما قد رأيت. فقال علي بن الحسين (ع) : «مَا أَصَابَ مِن مُصِيَبةٍ فِي الأرضِ وَلاَ فِي أَنفُسِكُمْ الاّ فِي كِتَابٍ مِن قَبْلِ أنْ نَبْرَأَهَا إِنّ ذلِكَ عَلَى اللّهِ يَسِيرٌ».
ألا يابنَ هندٍ لا سقى الله تربةً |
|
ثويت بمثواها ولا اخضرّ عودُها |
____________________
(١) النّاضح : البعير يُستقى عليه.
(٢) يدفع : برفق ولين.