المجلس العاشر
ذكر ابن شهر آشوب في المناقب قال : دخل الحسين (ع) على معاوية وعنده أعرابي يسأله حاجة ، فأمسك عنه وتشاغل بالحسين (ع) ، فقال الأعرابي لبعض مَن حضر : مَن هذا الذي دخل؟ قالوا : الحسين بن علي عليهماالسلام. فقال الأعرابي للحسين (ع) : أسألك يابن بنت رسول الله ، لمّا كلّمته في حاجتي. فكلّمه الحسين (ع) في ذلك ، فقضى حاجته. فقال الأعرابي :
أتيتُ العبشميَّ فلمْ يجدْ |
|
لي إلى أنْ هزّهُ ابنُ الرسولِ |
هو ابنُ المصطفى كرماً وجوداً |
|
ومِن بطنِ المُطهّرة البتولِ |
وإنّ لهاشم فضلا ًعليكُمْ |
|
كما فضُلَ الربيعُ على المَحولِ |
فقال معاوية : يا أعرابي ، أعطيك وتمدحه؟! فقال الأعرابي : يا معاوية ، أعطيتني من حقّه وقضيت حاجتي بقوله. ولمّا أخرج مروانُ الفرزدقَ من المدينة أتى الفرزدق الحسين (ع) ، فأعطاه الحسين (ع) أربعمئة دينار. فقيل له : إنّه شاعر فاسق. فقال (ع) : «إنّ خير مالك ما وقيت به عرضك ، وقد أثاب رسول الله (ص) كعب بن زهير ، وقال في العبّاس بن مرداس : اقطعوا لسانه عنّي». وأعظم جودٍ صدر منه (ع) ، جوده بنفسه في سبيل الله ، وتسليمه إيّاها للقتل. قال الشاعر :
يجودُ بالنّفسِ إنْ ضنَّ الجبانُ بها |
|
والجودُ بالنّفسِ أقصى غاية الجودِ |
فالحسين (ع) قد جاد بنفسه وأهل بيته وعياله وأطفاله في سبيل الله ؛ فداء للدين ، ومحاماة عن شريعة جدّه سيّد المرسلين (ص) حتّى أصبحوا ما بين قتيل وأسير. ولولا قتل الحسين (ع) ، ما بقي لهذا الدّين من أثر ، ولولاه ما ظهر للخاصّ والعام كفر يزيد وإلحاده.