أمير المؤمنين ، وأنْ تُقاتل معه المحلّين حتّى يظهر الحقّ أو تلحق بالله. وأبلغه عنّي السّلام ، وقُل له : قاتل على المعركة حتّى تجعلها خلف ظهرك ؛ فإنّه من أصبح والمعركة خلف ظهره كان الغالب. ثمّ لم يلبث أنْ مات. فأقبل الأسود إلى علي (ع) فأخبره ، فقال (ع) : «رحمه الله ، جاهد معنا عدونا في الحياة ، ونصح لنا في الوفاة». ما أشبه وصيّة عبد الله للأسود بوصية مسلم بن عوسجة لحبيب بن مظاهر ؛ وذلك لمّا صرع ابن عوسجة فمشى إليه الحسين (ع) ، ومعه حبيب بن مظاهر ، فقال الحسين (ع) : «رحمك الله يا مسلم ، (فَمِنْهُم مّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدّلُوا تَبْدِيلاً). ودنا منه حبيب ، فقال : عزّ عليَّ مصرعك يا مسلم ، أبشر بالجنّة. فقال له مسلم قولاً ضعيفاً : بشرّك الله بخير. ثمّ قال له حبيب : لولا أنّي أعلم أنّي في الأثر من ساعتي هذه ، لأحببت أن توصيني بكلّ ما أهمّك. فقال له مسلم : فإنّي اُوصيك بهذا ـ وأشار إلى الحسين (ع) ـ فقاتل دونه حتّى تموت. فقال له حبيب : لأنعمنّك عيناً. ثمّ مات رضوان الله عليه :
إنّ امرأً يمشِي لمصرَعِهِ |
|
سبطُ النَّبيِّ لَفاقدُ التِّربِ |
أوصَى حبيباً أنْ يجُودَ لهُ |
|
بالنَّفسِ من مِقَةٍ ومنْ حُبِّ |
أعززْ علينا يابنَ عَوْسجةٍ |
|
منْ أنْ تفارقَ ساحةَ الحربِ |
عانقْتَ بيضَهُمُ وسمرهُمُ |
|
ورجعتَ بعدُ مُعانقَ التَّربِ |
أبكي عليكّ وما يُفيدُ بُكا |
|
عيني وقدْ أكلَ الأسَى قلبي |