صفوفهم كأنّهم السيل ـ وقال ما لا يحصى كثرةً ، فلم يسمع متكلّم قطّ قبله ولا بعده أبلغ في منطق منه.
لهُ من عليٍّ في الحروبِ شجاعةٌ |
|
لهُ من عليٍّ في الحروبِ شجاعةٌ |
فكان ممّا قال (ع) : «الحمد لله الذي خلق الدنيا فجعلها دار فناء وزوال ، متصرّفة بأهلها حالاً بعد حال ، فالمغرور مَن غرّته والشقيّ مَن فتنته ؛ فلا تغرّنكم هذه الدنيا ، فإنّها تقطع رجاء مَن ركن إليها ، وتخيب طمع مَن طمع فيها. وأراكم قد اجتمعتم على أمر قد أسخطتم الله فيه عليكم ، وأعرض بوجهه الكريم عنكم ، وأحلّ بكم نقمته ، وجنّبكم رحمته ، فنِعمَ الربّ ربّنا ، وبئس العبيد أنتم! أقررتم بالطاعة وآمنتم بالرسول محمّد (ص) ثمّ إنّكم زحفتم على ذرّيّته وعترته تريدون قتلهم! لقد استحوذ عليكم الشيطان فأنساكم ذكر الله العظيم». فقال ابن سعد : ويلكم كلّموه فإنّه ابن أبيه! ولو وقف فيكم هكذا يوماً جديداً لما انقطع ولما حصر. فتقدّم شمر فقال : يا حسين ، ما هذا الذي تقول؟ أفهمنا حتّى نفهم. فقال (ع) : «أقول : اتّقوا الله ربّكم ولا تقتلوني ؛ فإنّه لا يحلّ لكم قتلي وانتهاك حرمتي ؛ فإنّي ابن بنت نبيّكم ، وجدّتي خديجة زوجة نبيكم ، ولعلّه قد بلغكم قول نبيكم : الحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنّة». فقال له قيس بن الأشعث : ما ندري ما تقول ، ولكن انزل على حكم بني عمّك فإنّهم لن يروك إلاّ ما تحب. فقال له الحسين (ع) : «لا والله ، لا اُعطيكم بيدي إعطاء الذليل ، ولا أقرّ إقرار العبيد».
سامَوهُ أنْ يردَ الهوانَ أو المنييَة |
|
والمسوَّدُ لا يكون مَسودَا |
فأبى أنْ يعيش إلاّ عزيزاً |
|
أو تجلّى الكفاحُ وهو صريعُ |