انشق. ومرّ عليه رجل وهو صريع ، فقال له : اقرأ أمير المؤمنين السّلام ، وقُل له : أنشدك بالله ، إلاّ أصبحت وقد ربطت مقاود خيلك بأرجل القتلى ؛ فإنّ الغلبة تكون لمَن غلب على القتلى. فسار علي (ع) في الليل حتّى جعل القتلى خلف ظهره ، وكانت له الغلبة عليهم. ولمّا قُتل هاشم ، جزع النّاس عليه جزعاً شديداً ، وقُتل معه جماعة من أسلَم من القُرّاء ، فمرّ بهم علي (ع) وهم قتلى ، فقال :
جزَى اللهُ خَيراً عُصبةً أسلميَّةً |
|
صِباحَ الوجوهِ صُرِّعُوا حولَ هاشمِ |
يزيدٌ وعبدُ اللهِ بشرٌ ومعْبدٌ |
|
وسُفيانَ وابنا هاشمٍ ذي المكَارمِ |
وعُرْوةُ لا يُبعَدْ ثَناهُ وذكْرُهُ |
|
إذا اختَرطتْ يوماً خفافُ الصَّوارمِ |
لله درّ هاشم المرقال! ما أشد حبّه لأمير المؤمنين ، وأصدق ولاءه! نصر أمير المؤمنين في حياته وعند مماته. ويُشبهه في ذلك من أنصار الحسين (ع) مسلم بن عوسجة الأسدي ؛ فإنّه لمّا صُرع وبقي به رمق ، فمشى إليه الحسين (ع) ومعه حبيب بن مظاهر فقال الحسين (ع) : رحمك الله يا مسلم ، (فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً). ودنا منه حبيب فقال : عزّ عليّ مصرعك يا مسلم ، أبشر بالجنّة. فقال له مسلم قولاً ضعيفاً : بشّرك الله بخير. ثمّ قال له حبيب : لولا أنّي أعلم أنّي في الأثر من ساعتي هذه لأحببتُ أنْ توصيني بكلِّ ما أهمّك. فقال له مسلم : فإنّي اُوصيك بهذا ـ وأشار إلى الحسين (ع) ـ فقاتِل دونه حتّى تموت. فقال له حبيب : لأنعمنّك عيناً. ثمّ مات رضوان الله عليه.
عانَقُوا المُرْهفاتِ حتّى تهاوَوا |
|
صَرعَى في الثَّرى بحرِّ الصِّيوفِ |