ولم ينسَ يزيد قول أبيه ، إنّ لبني هاشم ألسنة تفلق الصخر وتغرف من البحر ؛ ولذلك لمّا قال له زين العابدين (ع) بالشام : «أتأذن لي أنْ أصعد هذه الأعواد فأتكلّم بكلمات لله فيهنّ رضاً ، ولهؤلاء الجلساء فيهنّ أجر وثواب؟» أبى يزيد عليه ذلك ، فقال النّاس : يا أمير المؤمنين ، إئذن له فليصعد المنبر فلعلّنا نسمع منه شيئاً. فقال : إنّه إنْ صعد لم ينزل إلاّ بفضيحتي وفضيحة آل أبي سفيان. فقيل له : وما قدر ما يحسن هذا؟ فقال : إنّه من أهل بيت زقّوا العلم زقّا. فلم يزالوا به حتّى أذِنَ له. فصعد المنبر ، فحمد الله وأثنى عليه ثمّ خطب خطبة أبكى فيها العيون وأوجل منها القلوب.
وخشي يزيد أنْ تكون فتنة ؛ فأمر المؤذّن فقطع عليه الكلام ، فلمّا قال المؤذّن : الله أكبر الله أكبر ، قال علي بن الحسين (ع) : «لا شيء أكبر من الله». فلمّا قال : أشهد أنْ لا إله إلاّ الله ، قال (ع) : «شهد بها شعري وبشري ، ولحمي ودمي». فلمّا قال المؤذّن : أشهد أنّ محمّداً رسول الله ، قال (ع) : «محمّد هذا جدّي أم جدّك يا يزيد؟ فإنْ زعمت أنّه جدّك فقد كذبت وكفرت ، وإنْ زعمت أنّه جدّي ، فلِمَ قَتلت عترته؟».
ألا يابنَ هندٍ لا سقَى اللهُ تربةً |
|
ثويتَ بمثواها ولا اخضرّ عودُها |
أتسلبُ أثوابَ الإمامة هاشماً |
|
وتطردُها عنها وأنت طريدُها |