أعدى الأعداء ، وكثيراً ما كان الأمير يحلم عن المرأة وإنْ سبّته وشتمته ، ويرى من العار أنْ يضربها أو يشتمها ، حتّى آل الأمر إلى ابن مرجانة وابن هند ، فإنّه ما كفاهما حمل بنات رسول الله (ص) سبايا على أقتاب المطايا من بلد إلى بلد ، كما تُحمل سبايا الروم ، حتّى قابلوهنّ من الشتم والجفاء والغلظة ، بما تقشعرّ منه الجلود ، وتنفطر له القلوب. أمّا عبيد الله بن زياد ، فإنّه لمّا اُدخلت عليه سبايا آل الرسول (ص) ، قال لزينب بنت علي عليهماالسلام ـ في جملة ما قال ـ : الحمد لله الذي قتلكم وفضحكم وأكذب اُحدوثتكم. فقالت زينب : الحمد لله الذي أكرمنا بنبيّه محمّد (ص) ، وطهّرنا من الرجس تطهيراً ، إنّما يُفتضح الفاسق ويكذب الفاجر ، وهو غيرنا. فقال : كيف رأيت فعل الله بأخيك ، وأهل بيتك؟ قالت : ما رأيت إلاّ جميلاً ، هؤلاء قوم كتب الله عليهم القتل فبرزوا إلى مضاجعهم ، وسيجمع الله بينك وبينهم فتُحاج وتُخاصم ، فانظر لمَن الفلج ، هبلتك اُمّك يابن مرجانة! فاستشاط غضباً ، وكأنّه همّ بضربها ، فقال له عمرو بن حريث : إنّها امرأة ، والمرأة لا تؤاخذ بشيء من منطقها. فقال لها ابن زياد : لقد شفى الله قلبي من طاغيتك الحسين ، والعصاة المَرَدة من أهل بيتك. فرقّتْ زينب وبكتْ ، وقالت له : لَعمري ، لقد قتلتَ كهلي وأبرزت أهلي ، وقطعت فرعي واجتثثت أصلي ، فإنْ كان هذا شفاؤك ، فقد اشتفيت. وأمّا يزيد ، فإنّه لمّا اُدخلت عليه نساء الحسين (ع) ، التفت إلى سكينة بنت الحسين (ع) ، وقال لها : كيف رأيتِ صُنع الله بكم؟ قالت : أقصر عن كلامك يابن الطليق ، حرمُك وجوارك خلف السّتور ، وبنات رسول الله سبايا!
فقُلْ لسرايا شَيبةِ الحَمدِ ما لكمْ |
|
قعدتُمْ وقدْ ساروا بنسوتِكُمْ أسرَى |
وأعظمُ ما يُشجي الغيورَ دخولُها |
|
إلى مجلسٍ ما بارحَ اللهوَ والخمْرا |
يُقارضُها فيهِ يزيدُ مَسبَّةً |
|
ويصرف عنها وجهه معرضاً كبرا |